القاعدة الأولى: الشرع هو الأصل في تقرير الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
إن الميزان في كون الشيء معروفًا أو منكرًا هو كتاب الله تعالى الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه وسنة رسوله الثابتة عنه صلى الله عليه و سلم وما كان عليه السلف الصالح لهذه الأمة، وليس المراد ما يتعارف عليه الناس أو يصطلحون عليه مما يخالف الشريعة الإسلامية.
فما جاء الأمر به في الكتاب والسنة، أو الندب إليه والحث عليه، أو الثناء على أهله، أو الإخبار بأنه مما يحبه الله تعالى ويرضاه، ويكرم أهله بالثواب العاجل والآجل، فهو من المعروف الذي يؤمر به. وما ورد النهي عنه في الكتاب والسنة، والتحذير منه، وبيان عظيم ضرره، وكبير خطره في الدنيا والآخرة، أو جاء ذم أهله ووعيد فاعله بالسخط والعذاب والخزي والعار، ودخول النار ونحو ذلك فهو من المنكر الذي ينهى عنه.
قال ابن منظور: ( و قد تكرر ذكر المعروف في الحديث، وهو اسم جامع لكل ما عُرف من طاعة الله والتقرب إليه والإحسان إلى الناس، وكل ما ندب إليه الشرع ).و قال ابن الأثير: ( و المنكر ضد المعروف وهو كل ما قبحه الشرع وحرمه وكرهه فهو منكر ) وذكر ابن حجر عن أبي جمرة (يطلق اسم المعروف على ما عرف بأدلة الشرع من أعمال البر، سواء جرت به العادة أم لا).
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -: ( الأمر والنهي من لوازم وجود بني آدم، فمن لم يأمر بالمعروف الذي أمر الله به و رسوله، وينه عن المنكر الذي نهى الله عنه ورسوله، ويُؤمر بالمعروف الذي أمر الله به.و رسوله، ويُنهى عن المنكر الذي نهى الله عنه ورسوله، وإلا فلا بد أن يأمر وينهى، ويُؤمر ويُنهى، إما بما يضاد ذلك، وإما بما يشترك فيه الحق الذي أنزله الله بالباطل الذي لم ينزله الله، وإذا اتخذ ذلك دينا: كان مبتدعا ضالا باطلا.
وقال ابن حجر الهيثمي: ( المراد بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، الأمر بـــواجب الشرع، والنهي عن محرماته ) و يصف الإمام الشوكاني - رحمه الله - أفراد الأمة الإسلامية بقوله، إنهم يأمرون بما هو معروف في هذه الشريعة، وينهون عما هو منكر، فالدليل على كون ذلك الشيء معروفا أو منكرا هو الكتاب والسنة و من هذا يتبين لنا أن كون الشيء معروفا أو منكرا ليس من شأن الآمر والناهي، وإنما يعود ذلك إلى ما جاء في كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه و سلم على فهم السلف الصالح لهذه الأمة من اعتقاد أو قول أو فعل.