المبين
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


يتناول مواضيع دينبة
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 مكانة القرآن في نفس المؤمن

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
Admin



المساهمات : 629
تاريخ التسجيل : 03/03/2013

مكانة القرآن في نفس المؤمن Empty
مُساهمةموضوع: مكانة القرآن في نفس المؤمن   مكانة القرآن في نفس المؤمن Icon_minitimeالسبت أغسطس 10, 2013 8:03 pm

مكانة القرآن في نفس المؤمن
للقرآن في نفس المؤمن مكانة ليست لأي كتاب آخر علي الإطلاق.
فالقرآن هو كلام الله المنزل علي رسول الله صلي الله عليه و سلم، المتعبد بتلاوته. وكفي بذلك تعظيماً في نفوس المؤمنين.
فالمؤمن يعظم ربه ابتداء، فيعظم بالتالي كل شيء يأتيه من عند ربه، فكيف بكلام ربه المنزل، الموجه إليه ليهديه سواء السبيل، وينير قلبه وطريقه، ويهديه خير الدنيا وخير الآخرة؟
إن الكتاب الذي يصلني من مؤلف قدير في مادته يكون عزيزاً عندي بمقدار ما أعرف عن ذلك المؤلف من مكانة في العلم. فكيف بكتاب رب العالمين القادر المقتدر العليم الحكيم؟
وإن الكتاب الذي يعطيني جزءاً صغيراً من المعلومات، وفي باب واحد من أبواب المعرفة يكون عزيزاً عندي بمقدار فائدتي منه. فكيف بالكتاب الذي يحوي الخير كله ويدل عليه؟
وإن الكتاب الذي أعلم أن قراءتي له ترفع منزلتي بين أصحابي يكون أثيراً عندي بمقدار هذه الرفعة. فكيف بالكتاب الذي يرفع منزلتي في الملأ الأعلى، ويرفع منزلتي عند رب العالمين؟
وإن الكتاب الذي يقدمه إلي أستاذي وأعلم أن قراءتي له ستزيد درجاتي عنده أكون حريصاً علي قراءته بقدر ما يزيدني من درجات وعلامات، فكيف بالكتاب الذي تكون تلاوته يرفع درجاتي عند الله؟
ولله المثل الأعلى في السموات والأرض. إنه لا يوجد كتاب في تاريخ البشرية كله نال من المكانة في نفوس أصحابه كما نال القرآن في نفوس المؤمنين.
ولا يوجد كتاب قرئ وحفظ في تاريخ البشرية بقدر ما قرئ هذا الكتاب، ولا عجب أن سماه رب العالمين ((القرآن)) فه والكتاب المقروء، الذي لا تفتر قراءته في ليل أو نهار في صلاة أو ذكر أو حلقة درس أو ترتيل.
وإن علينا – إلي جانب القراءة – أن نتدبر معاني القرآن، فقد أمرنا بذلك في الكتاب العزيز : ((كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولوا الألباب))(ص:29).
والله يندد بالذين لا يتدبرون القرآن فيعمون عن آياته: ((أفلا يتدبرون القرآن أم علي قلوب أقفالها))(محمد:24).
وحيث نتدبر القرآن فستتضح لنا معان عدة ينبغي أن نكون علي وعي منها :
1- القرآن هو منهج التربية الإسلامية :
فالقرآن هو كتاب التربية الذي ربي هذه الأمة التي وصفها خالقها بقوله سبحانه: ((كنتم خير أمة أخرجت للناس)). ومن ثم فإنه يحوي جميع عناصر التربية الصالحة بين دفتيه. ومن ناحية أخري فإن كل كلمة فيه هي توجيه تربوي لإنشاء الإنسان الصالح)) في هذه الأرض. سواء كان أمراً بعبادة، أو توجيهاً أخلاقياً، أو نهياً عن أمر لا يحبه الله ولا يرضاه لعباده، أو تشريعاً منظماً لحياة البشر، أو قصة من قصص المؤمنين أو قصص المكذبين، أو حديثاً عن اليوم الآخر، ووصفاً لمشاهد الحساب والثواب والعقاب، أو توجيهاً عقلياً لتدبر آيات الله في الكون أو سنته في الحياة.
كلها جاءت في القرآن للتربية والتوجيه. وكان من حصيلة تدبرها علي الوجه الأكمل وتنفيذها بالجدية الواجبة أن خرج هذا الجيل الفذ من المؤمنين، صحابة رسول الله صلي الله عليه و سلم ، الذين استحقوا وصف الله لهم بالكامل، وكانوا بالفعل خير جيل في خير أمة أخرجت للناس.
2- القرآن كتاب الشريعة :
والقرآن هو كتاب الشريعة المنظمة لحياة البشر علي الأرض .
وهو منهج حياة كامل .
فهو لم يدع جانباً من جوانب البشرية إلا تناوله بما يصلحه ويصلح له، علاقة الفرد بربه. علاقة الفرد بالمجتمع. علاقة الحاكم بالمحكوم. علاقات الأسرة. علاقات الجنسين. علاقات المسلمين بالفئات غير المسلمة داخل المجتمع الإسلامي.
كل شيء في حياة الإنسان تناوله هذا الكتاب المعجز بالتفصيل أو الإجمال.
ومن ثم فلا شيء في حياة المسلم السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية أو الأخلاقية أو الفكرية أو الروحية يرجع فيه إلي مصدر آخر غير هذا الكتاب ( وشرحه وتفصيله في سنة الرسول صلي الله عليه و سلم). ولا شيء في حياته يجوز أن يخرج عن تعاليم هذا الكتاب؛ مهما استجد في حياته من أمور!
لقد أنزل الله هذه الشريعة لتحكم حياة الناس إلي قيام الساعة. فقول القائلين من مرضي القلوب: إن هذه الشريعة قد نزلت قبل أربعة عشر قرناً، فهي لا تصلح للتطبيق اليوم، معناه – والعياذ بالله من الكفر – أن الله لم يكن يعلم وقت تنزيل هذه الشريعة أنه ستجد في حياة الناس أمور غير التي كانت وقت نزول القرآن! أو أنه نزل الشريعة ناقصة وفرض علي الناس ألا يحكموا بغيرها وهددهم علي ذلك بالخلود في النار، تعالي الله عن ذلك علواً كبيراً.
إنما عرف المسلمون خلال التاريخ أن نظام حياتهم كله موجود في هذه الشريعة، وأن عليهم – حين يجد في حياتهم أمر – أن يستنبطوا له حكماً من الشريعة الثابتة الأركان .
وعرفوا – فوق ذلك – أن هناك أموراً تركها رب العزة بغير نص، لا نسياناً منه جلت قدرته ولكن رحمة منه بعباده، كما أخبر بذلك الرسول صلي الله عليه و سلم ، فهذه يجتهدون فيها بما يحقق مصالح الناس دون أن يخالفوا مقاصد الشرع.
وفي جميع الحالات تكون شريعة الله هي الحاكمة في حياة الناس : ((ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون))(المائدة:44).
((فلا وربك لا يؤمنون حتي يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليماً ))(النساء:65).
3- القرآن مرشد السالكين في رحلة الحياة :
والقرآن هو الذي يعرفنا حقيقة الإنسان، ودوره في الأرض، وغاية خلقه، وحدود طاقاته، ومنشأه ومصيره.
بعبارة أخري هو دليل الرحلة البشرية من مبدئها إلي منتهاها.
إن السائر في رحلة يحتاج إلي دليل يبين له من أين تبدأ وأين تنتهي وأي شيء يجد في الطريق، وأين يمضي، وأين يتوقف ليتزود بالزاد. فإن لم يكن معه هذا الدليل فإن يخبط خبط عشواء، ونهايته إلي البوار.
والرحلة البشرية الكبري في حاجة إلي دليل، يبين للسائر فيها معالم الطريق.
وليس أبلغ من هذا التعبير عن الضلال! وهذه الأزمة تكررت بصورة أو بأخري فكل جاهلية من جاهليات التاريخ، ولكنها أحد ما تكون في الجاهلية المعاصرة،ت التي لا مثيل لها في التاريخ!
إن الإنسان ليتساءل، بوعي أو بغير وعي: من أنا؟ من أين جئت؟ إلي أين أذهب بعد الموت؟ لأي شيء أعيش؟ علي أي نهج أعيش؟
وإذا لم يجد إجابة واضحة شافية لهذه الأسئلة التي تخطر علي الفطرة فإنه يشقي ويضل، ويتحير ويحس بالضياع.
والله خالق هذه النفس البشرية يعلم أن هذه الأسئلة تخطر علي الفطرة وتحتاج إلي جواب، كما يعلم سبحانه أن طريقة حياة الإنسان في الدنيا، ومصيره في الآخرة مرهونان باهتدائه إلي الأجوبة الصحيحة علي هذه الأسئلة أو عدم اهتدائه إليها. لذلك فقد نزل له في كتابه الحكيم إجابة كاملة واضحة لتلك الأمثلة التي يتوقف علي إجابتها كل شيء في حياة الإنسان.
عرفه مم خلق أول مرة : من قبضة من طين الأرض ونفخة من روح الله: ((إذ قال ربك للملائكة إني خالق بشراً من طين(71) فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين))(ص:71،72).
فعرف من ثم أنه جسد وروح، وأن حياته ينبغي أن تشمل جانب الجسد وجانب الروح، متصلين غير منفصلين، فلا يستغرقه جانب الجسد وحده ولا جانب الروح.
وعرفه مهمته في الأرض: ((وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة))(البقرة:3.).
((هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها)) (هود:61).
((وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون))(الذاريات:56).
((قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين (162) لا شريك له))(الأنعام :162،163).
فعرف أنه مستخلف في هذه الأرض ليقوم بعمارتها. وأن غاية وجوده هي عبادة الله بمعناها الواسع الذي يشمل شعائر التعبد كما يشمل نشاط الحياة كلها، أي التوجه بنشاط الإنسان كله إلي الله، وسيره فيه بمقتضي أوامر الله .
وعرفه بالمنهج الذي ينبغي أن يعيش بمقتضاه : ((قلنا اهبطوا منها جميعاً فإما يأتينكم مني هداي فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون))(البقرة:38).
((قل يأيها الناس إني رسول الله إليكم جميعاً الذي له ملك السموات والأرض لا إله إلا هو يحي ويميت فآمنوا بالله ورسوله النبي الأمي الذي يؤمن بالله وكلماته واتبعوه لعلكم تهتدون))(الأعراف:158).
وأعطاه تفاصيل هذا المنهج في كتاب الله وسنة رسوله .
وعرفه كذلك بمصيره بعد الموت: إن الحياة لا تنتهي بانتهاء هذه الجولة في الحياة الدنيا، وإلا فهي عبث لا يصدر عن إله حكيم: ((أفحسبتم أنما خلقناكم عبثاً وأنكم إلينا لا ترجعون(115) فتعالي الله الملك الحق لا إله إلا هو رب العرش الكريم))(المؤمنون : 115،116).
إنه لابد من البعث والحساب والجزاء لكي ينتفي العبث عن خلق الله، ولكي لا يستوي المحسن والمسئ في نهاية المطاف: ((وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما باطلاً ذلك ظن الذين كفروا فويل للذين كفروا من النار(27) أم نجعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات كالمفسدين في الأرض أم نجعل المتقين كالفجار))(ص:27،28).
وهو يحاسب في الحياة الآخرة بمقتضي ذات المنهج الذي نزل ليحكم حياة الناس في الأرض: ((فمن تبع هداي فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون(38) والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون))(البقرة : 38،39).
ثم يكون الجزاء هو الخلود في الجنة أو النار: ((إن الذين كفروا بآياتنا سوف نصليهم ناراً كلما نضجت بدلناهم جلوداً غيرها ليذوقوا العذاب إن الله كان عزيزاً حكيماً(56) والذين آمنوا وعملوا الصالحات سند خلهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبداً لهم فيها أزواج مطهرة وندخلهم ظلاً ظليلاً))(النساء:56،57).
وهكذا فإن القرآن يعطي الإنسان دليل الرحلة كاملاً من بدء الرحلة إلي منتهاها، ويبين له كل معالم الطريق.
4- القرآن يدعوا إلي تدبر آيات الله في الكون :
والقرآن يوجه أنظارنا – بصورة ملحوظة- إلي تدبر آيات الله في الكون: في السموات والأرض، والشمس والقمر، والجبال والبحار، والنبات والحيوان.. وكل ما يقع عليه الحس من كائنات.
يوجه أنظارنا إليها لنتعرف علي قدرة الله المعجزة في الخلق والتدبير، فنؤمن بالله ونعبده حق عبادته: ((ألم تر أن الله يسبح له من في السموات والأرض والطير صافات كل قد علم صلاته وتسبيحه والله عليم بما يفعلون(41) ولله ملك السموات والأرض وإلي الله المصير(42) ألم تر أن الله يزجي سحاباً ثم يؤلف بينه ثم يجعله ركاماً فتري الودق يخرج من خلاله وينزل من السماء من جبال فيها من برد فيصيب به من يشاء ويصرفه عن من يشاء بيكاد سنا برقه يذهب بالأبصار(43) يقلب الله الليل به من يشاء ويصرفه عن من يشاء يكاد سنا برقه يذهب بالأبصار(43) يقلب الله الليل والنهار إن في ذلك لعبرة لأولي الأبصار(44) والله خلق كل دابة من ماء فمنهم من يمشي علي بطنه ومنهم من يمشي علي رجلين ومنهم من يمشي علي أربع يخلق الله ما يشاء إن الله علي كل شيء قدير(45) لقد أنزلنا آيات مبينات والله يهدي من يشاء إلي صراط مستقيم))(النور : 41-46) .
ويوجه أنظارنا إليها لنتعرف – في الوقت ذاته – علي السنن الربانية التي يجري بمقتضاها نظام هذا الكون، لكي نحقق – بالعلم – استغلال الطاقات الكونية المسخرة لنا أصلاً من عند الله : ((وسخر لكم ما في السموات ومنا في الأرض جميعاً منه إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون))(الجاثية:13).
((الله الذي خلق السموات والأرض وأنزل من السماء ماء فأخرج به من الثمرات رزقاً لكم وسخر لكم الفلك لتجري في البحر بأمره وسخر لكم الأنهار (32) وسخر لكم الشمس والقمر دائبين وسخر لكم الليل والنهار))(إبراهيم : 32،33).
فهذه الطاقات الكونية مسخرة من عند الله للإنسان. نعم، ولكنها تحتاج لأن يتعرف الإنسان علي السنن التي تجري بها لكي يستغلها في عمارة الأرض.
والقرآن يوجهنا إلي هذه المعرفة التي توصلنا إلي استغلال ما سخر لنا من الطاقات: ((وجعلنا الليل والنهار آيتين فمحونا آية الليل وجعلنا آية النهار مبصرة لتبتغوا فضلاً من ربكم ولتعلموا عدد السنين والحساب وكل شيء فصلناه تفصيلاً))(الإسراء:12).
((يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج ))(البقرة : 189).
((هو الذي جعل لكم الأرض ذلولاً فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه))(الملك:15).
((وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس وليعلم الله من ينصره ورسله بالغيب إن الله قوي عزيز))(الحديد: 25).
ويقول عن نبي الله داود: ((وألنا له الحديد))(سبأ :1.).
((وعلمناه صنعة لبوس لكم لتحصنكم من بأسكم)) (الأنبياء : 8.).
ومن هذه التوجيهات وغيرها في القرآن اتجه المسلمون إلي العلم، وإلي العلم التجريبي خاصة، فأنشئوا المنهج التجريبي في البحث العلمي، الذي تقوم عليه النهضة العلمية الحاضرة في أوربا، بعد أن تعلمت أوربا ما تعلمت في مدارس المسلمين. ومن قبل ذلك كان العلم علي يد اليونان علماً نظرياً بحتاً لا يؤدي إلي تقدم كبير.
5- تدبر السنن التي تحكم حياة الإنسان :
ويوجه القرآن أنظارنا كذلك إلي السنن الربانية التي تجري بها حياة البشر علي الأرض، لنتعرف علي هذه السنن وتقوم حياتنا بمقتضاها، لأنها سنن ثابتة لا تتغير ولا تتبدل: ((فلن تجد لسنت الله تبديلاً ولن تجد لسنت الله تحويلاً))(فاطر:43).
فمن هذه السنن أن المؤمنين حين يستقيمون علي أمر الله يستخلفهم ويمكن لهم في الأرض ويمنحهم الأمن والطمأنينة، ويبارك لهم في حياتهم كذلك : ((وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضي لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني لا يشركون بي شيئاً))(النور : 55)
((ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون (الأنبياء:1.5).
((ولو أن أهل القري آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض)) (الأعراف:96).
ولكن الكافرين ليسوا ممنوعين من التمكين في الأرض ولكن علي وجه آخر: ((من كان يريد العاجلة عجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد ثم جعلنا له جهنم يصلاها مذموماً مدحوراً(18) ومن أراد الآخرة وسعي لها سعيها وهو مؤمن فأولئك كان سعيهم مشكوراً(19) كلا نمد هؤلاء وهؤلاء من عطاء ربك وما كان عطاء ربك محظوراً))(الإسراء :18-2.).
((من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها وهم فيها لا يبخسون(15) أولئك الذين ليس لهم في الآخرة إلا النار وحبط ما صنعوا فيها وباطل ما كنوا يعملون))(هود : 15،16).
((فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء حتي إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون))(الأنعام:44).
فالمؤمنون يمكنون في الدنيا لإصلاح الأرض، ثم تكون لهم العاقبة الحسنة في الآخرة فينعمون بالجنة والرضوان: ((الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور))(الحج:41).
أما الكافرون فيمكنون ابتلاء وفتنة، وحين يوغلون في البعد عن الله تفتح عليهم أبواب القوة والاستمتاع وتنهال عليهم الأسباب. لا رضاً من الله عليهم بل ليزدادوا إثماً ليأخذهم الله أخذ عزيز مقتدر: ((حتي إذا أخذت الأرض زخرفها وأزينت وظن أهلها أنهم قادرون عليها أتاها أمرنا ليلاً أو نهاراً فجعلناها حصيداً كأن لم تغن بالأمس كذلك نفصل الآيات لقوم يتفكرون))(يونس:24).
كذلك فإن التمكين للمؤمنين يختلف عن التمكين للكافرين من وجه آخر. فالمؤمنون يمنحهم الله ((بركات من السماء والأرض)) فيعيشون في أمن وطمأنينة وبركة في الوقت والصحة والأموال والأولاد.. أما الكافرون فيفتح عليهم أبواب كل شيء من الرزق المادي، ولكن بلا بركة ولا أمن ولا طمأنينة، لأن الطمأنينة إنما تجئ من ذكر الله وهم لا يذكرون الله: ((الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب))(الرعد:28).
ومن السنن الربانية كذلك أن أعمال البشر من سيئة أو حسنة تترتب عليها نتائج حتمية لا يمكن تغييرهان، لأن سنة الله لا تتغير ولا تتبدل: ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون)) (الروم:41).
((وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميراً))(الإسراء:16).
((ذلك بأن الله لم يك مغيراً نعمة أنعمها علي قوم حتي يغيروا ما بأنفسهم))(الأنفال:53).
(( إن الله لا يغير ما بقوم حتي يغيروا ما بأنفسهم))(الرعد:11).
((وإن تتولوا يستبدل قوماً غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم))(محمد:38).
والنتائج تترتب بقدر من الله. ولكن الله يخبرنا أنه يجري قدره في الأرض بحسب ما يكون من سلوك الناس.
6- معرفة الأحداث التاريخية الكبري :
ومن تتبعنا لسنة الله في حياة الناس نستطيع أن ندرك الأحداث الكبري في التاريخ. ونستطيع كذلك أن نقدر حاضرنا الذي نعيش فيه، وأن نزن تطلعاتنا إلي المستقبل بميزان الواقع.
فمن أحداث التاريخ الكبري تمكين الأمة المسلمة في الأرض فترة طويلة من الزمن وفي واقعة فسيحة من الأرض، حين كانت مستقيمة علي أمر الله، تحقيقاً لوعد الله بالاستخلاف، والتمكين والتأمين للذين آمنوا من هذه الأمة وعملوا الصالحات، وقيام هذه الأمة في فترة استخلافها بنشر الخير في ربوع الأرض وإقامة العدل الرباني في أرجائها.
ومن أحداث التاريخ الكبري كذلك انحسار المد عن الحركة الإسلامية، سواء السياسية أو العسكرية أو الاقتصادية أو العلمية أو الحضارية حين تخلي المسلمون عن رسالتهم التي أهلهم الله لها، وهي أن يكونوا رواد البشرية وقادتها بعد أن يستقيموا هم أنفسهم علي أمر الله. فلما انحرفوا عن طريق الله وتخلوا عن حقيقة إسلامهم لم تتغير سنة اله فيهم، ولم يغنهم أنهم من ذرية قوم مؤمنين: ((قال إني جاعلك للناس إماماً قال ومن ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين))(البقرة:124).
ومن أحداث التاريخ الكبري أن أوربا – وهي أمة أو مجموعة من الأمم الجاهلية لا تؤمن بالله ورسوله ولا تحكم بما أنزل الله – قد مكن لها في الأرض، وفتح عليها أبواب كل شيء: في السياسة والحرب والمال والقوة والعملية.
وكثير من الناس ينبهر بهذا السلطان أوتيته أوربا، وبهذا التمكين، ويظن أنه مخالف لسنة الله! ولكن تدبر آيات الله يرينا أنه لا شيء مما حدث في التاريخ يجري مخالفاً لسنة الله، ولا يمكن أن يحدث ذلك قط .
فالذي حدث :
أولاً : أن هذه الأمم الجاهلية قد مكنت في الأرض بعد أن تخلت الأمة المسلمة عن دورها. ونتيجة لهذا التخلي من جانب المسلمين تمكنت هذه الدول الكافرة .
ثانياً : أن هذه الأمم حين مكنت انتشر الفساد في الأرض ((بما كسبت أيدي الناس)).
ثالثاً : أن هذا التمكين الذي يعبر عنه القرآن بقوله : ((فتحنا عليهم أبواب كل شيء)) تنقصه البركة التي لا تعطي إلا للمؤمنين حين يمكنون في الأرض، وليس فيها الطمأنينة التي تأتي من ذكر الله. إنما فيها الأمراض النفسية والعصبية والجنون والانتحار والجريمة والقلق والاضطراب والحيرة والضياع.. ولكها كما تقول إحصاءاتهم آخذة في الازدياد .
رابعاً : أن حضارتهم الجاهلية في سبيلها إلي الإنهيار بحسب سنة الله كما تري العين الفاحصة من وراء صور التقدم المادي الذي يبهر العيون ، وكما يقول مفكروهم أنفسهم، ولكن هذا الانهيار لا يحدث بين يوم وليلة، لأن الله يقول : ((ويستعجلونك بالعذاب ولن يخلف الله وعده وإن يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون(47) وكأين من قرية أمليت لها وهي ظالمة ثم أخذتها وإلي المصير))(الحج:47،48).
ذلك بالنسبة لرؤية الماضي والحاضر علي ضوء السنن الربانية التي أمرنا الله أن نتدبرها ونحن نقرأ القرآن.
أما بالنسبة لتطلعاتنا نحو المستقبل، فنحن نتطلع لأن نستعيد ما فقدناه من القوة والاستخلاف والتمكين والتأمين. وذلك من واجبنا؛ لأن الله لم يخرج هذه الأمة لتكون في وضع الاستخذاء والضعف، ولا الذلة ولا الهوان: ((وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم))(الأنفال : 6.).
((ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين))(المنافقون:Cool.
ولكن هذا الأمر لا يتم بالتمني. ولا يتم حتي يغير الناس ما بأنفسهم. ولا يتم دون جهد يبذل ودون جهاد: ((ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءاً يجز به ))(النساء:123).
((إن الله لا يغير ما بقوم حتي يغيروا ما بأنفسهم))(الرعد:11).
((يأيها الذين آمنوا ما لكم إذا قيل لكم انفروا في سبيل الله أثاقلتم إلي الأرض أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة فما متاع الحياة الدنيا في الآخرة إلا قليل(38) إلا تنفروا يعذبكم عذاباً أليماً ويستبدل قوماً غيركم ولا تضروه شيئاً والله علي كل شيء قدير))(التوبة:38،39).
((الذين آمنوا يقاتلون في سبيل الله والذين كفروا يقاتلون في سبيل الطاغوت فقاتلوا أولياء الشيطان إن كيد الشيطان كان ضعيفاً))(النساء:76).
فحين يريد المسلمون أن يستعيدوا مكانتهم في الأرض فهذا هو الطريق !
وهذا الذي نتعلمه من سنن الله ونحن نتدبر القرآن
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almobine.yoo7.com
 
مكانة القرآن في نفس المؤمن
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» في وعيد من قال في القرآن برأيه من غير علم و وعيد من أوتي القرآن فنسيه ولن يتعهده
» مكانة الصلاة في الإسلام وآثارها الطيبة
» البلاء قرين الإيمان والمصائب ربما تصيب المؤمن أكثر من الكافر
» كيف نحب القرآن ونحيا به
» كتاب القرآن

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
المبين :: الفئة الأولى :: المنتدى الأول-
انتقل الى: