بسم الله الرحمن الرحيم
تفسير سورة ق
مختار من تفسير ابن كثير – وتفسير ابن جرير – وتفسير السعدي – وتفسير الشنقيطي وغيرها من كتب التفسير الموثوقة، مع ذكر فوائد تربوية وعلمية للآيات
مقدمة
هذه السورة هي أول الحزب المفصل على الصحيح وقيل من الحجرات، وأما ما يقوله العوام إنه من (عم) فلا أصل له ولم يقله أحد من العلماء رضي الله عنهم المعتبرين فيما نعلم [ قاله ابن كثير ]، هذه السورة تعالج قضايا العقيدة كالبعث، والرسالة وغيرها.
سورة ق سورة مكية، ثبت عن النبي كما في الصحيحين أنه كان يقرأ بها كل جمعة، عن أم هشام بنت حارثة قالت ( ما أخذتُ ( ق، والقرآن المجيد ) إلا على لسان رسول الله يقرؤها كل جمعـة على المنبر إذا خطب الناس ) رواه مسلم .
( قَ وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ بَلْ عَجِبُوَاْ أَن جَآءَهُمْ مّنذِرٌ مّنْهُمْ فَقَالَ الْكَافِرُونَ هَـَذَا شَيْءٌ عَجِيبٌ أَإِذَا مِتْنَا وَكُنّا تُرَاباً ذَلِكَ رَجْعُ بَعِيدٌ قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنقُصُ الأرْضَ مِنْهُمْ وَعِندَنَا كِتَابٌ حَفِيظٌ بَلْ كَذّبُواْ بِالْحَقّ لَمّا جَآءَهُمْ فَهُمْ فِيَ أَمْرٍ مّرِيجٍ ) .
( قَ وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ ) ق حرف من حروف الهجاء المذكورة في أوائل السور كقوله تعالى (ص ، ن ، ألم ، حم ) ونحو ذلك وقد اختلف العلماء في هذه الحروف اختلافاً كثيراً في معناها على أقوال كثيرة، فقيل : لها معنى، واختلف في معناها: فبعض العلماء قال هي أسماء للسور، وبعضهم قال هي أسماء لله، وبعضهم قال غير ذلك، وقيل:هي حروف هجائية ليس لها معنى، ورجح هذا القول الشيخ ابن عثيمين وقال: وحجة هذا القول: أن القرآن نزل بلغة العرب، وهذه الحروف ليس لها معنى في اللغة العربية، وأما الحكمة منها فأرجح الأقوال أنها إشارة إلى إعجاز القرآن العظيم، ورجح هذا القول ابن كثير في تفسيره فقال وقال آخرون إنما ذكرت هذه الحروف في أوائل السور التي ذكرت فيها بياناً لإعجاز القرآن وأن الخلق عاجزون عن معارضته بمثله هذا مع أنه مركب من هذه الحروف المقطعة التي يتخاطبون بها، وقد حكى هذا المذهب الرازي في تفسيره عن المبرد وجمع من المحققين، وإليه ذهب الشيخ أبو العباس بن تيمية وشيخنا الحافظ المجتهد أبو الحجاج المزي وحكاه لي عـن ابن تيمية .[ تفسير ابن كثير : 1 / 51 ].
وقد رجح هذا الشيخ الشنقيطي في أضواء البيان حيث قال بعد أن ذكر الخلاف أما القول الذي يدل استقراء القرآن على رجحانه فهو أن الحروف المقطعة ذكرت في أوائل السور التي ذكرت فيها بياناً لإعجاز القرآن، وأن الخلق عاجزون عن معارضته بمثله ثم قال رحمه الله: ووجه استقراء القرآن لهذا القول أن السور التي افتتحت بالحروف المقطعة يذكر فيها دائماً عقب الحروف المقطعة الانتصار للقرآن وبيان إعجازه وأنه حق ، قال تعالى في البقرة ( الم ذلك الكتاب لا ريب فيه )، وقال في آل عمران ( الم الله لا إله إلا هو الحي القيوم نزل عليك الكتاب بالحق )، وقال في الأعراف ( المص كتاب أنزل إليك )، وقال في يونس (الر تلك آيات الكتاب الحكيم)، وقال في هود ( الر كتاب أحكمت آياته )، وقال في يوسف ( الر تلك آيات الكتاب المبين إنا أنزلناه قرآناً عربياً )، ثم ذكر رحمه الله بقية السور و رجح هذا القول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله فقال بعد ما رجح هذا القول:إن هذا القرآن لم يأت بكلمات، أو بحروف خارجة عن نطاق البشر، وإنما هي من الحروف التي لا تعدو ما يتكلم به البشر، ومع ذلك فقد أعجزهم
وأما قول من قال إنما ذكرت ليعرف بها أوائل السور، فهذا ضعيف، لأن الفصل حاصل بدونها، وقول من قال بل ابتدىء بها لتفتح لاستماعها أسماع المشركين إذا تواصوا بالإعراض عن القرآن إذا تُلي عليهم، وهذا ضعيف، لأنه لو كان كذلك لكان ذلك في جميع السور لا يكون في بعضها [ تفسير ابن كثير : 1 / 51 ]
عدد هذه الحروف المقطعة ( 14 ) حرفاً يجمعها قولهم: نص حكيم قاطع له سر، افتتح الله عز وجل ( 29 ) سورة بالحروف المقطعة، وقد روي عن بعض السلف أنهم قالواق جبل محيط بجميع الأرض يقال له جبل قاف, وكأن هذا, والله أعلم, من خرافات بني إسرائيل التي أخذها عنهم بعض الناس [ قاله ابن كثير ]، ( وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ ) أي الكريم العظيم الذي ( لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد )، قال بعض العلماء معنى المجيد هو كتاب شريف، أشرف من كل كتاب، عالي الطبقة فيما بين الكتب الإلهية في النظم والمعنى، وسيع المعاني عظيمها، كثير الوجوه، كثير البركات، جزيل المبرّآت، واسع الأوصاف وعظيمها، متناهٍ في الشرف والكرم والبركة، لكونه بياناً لما شرعه الله لعباده من أحكام الدين والدنيا .
أقسم تعالى بالقرآن، لأن الله تعالى يقسم بما شاء، وليس لخلقه أن يقسموا إلا به تعالى واختلفوا في جواب القسم ما هو ؟ فحكى ابن جرير عن بعض النحاة أنه قوله تعالى ( قد علمنا ما تنقص الأرض منهم وعندنا كتاب حفيظ) وفي هذا نظر، بل الجواب هو مضمون الكلام بعد القسم, وهو إثبات النبوة وإثبات المعاد وتقريره وتحقيقه .
وصف القرآن الكريم بالمجد، وله صفات كثيرة سأذكرها بالفوائد، فيه أن من أسماء القرآن هذا الاسم ( القرآن ) وهو أشهر أسمائه، قوله ( المجيد ) نستفيد أن من تمسك به نال المجد والعظمة، ( بَلْ عَجِبُوَاْ أَن جَآءَهُمْ مّنذِرٌ مّنْهُمْ فَقَالَ الْكَافِرُونَ هَـَذَا شَيْءٌ عَجِيبٌ ) أي تعجبوا من إرسال رسول إليهم من البشر .
كقوله جل جلاله ( أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَباً أَنْ أَوْحَيْنَا إِلَى رَجُلٍ مِّنْهُمْ أَنْ أَنذِرِ النَّاسَ ) أي وليس هذا بعجيب فإن الله يصطفي من الملائكة رسلاً ومن الناس، وقد جاءت آيات كثيرة تبين أن من أسباب كفرهم تعجبهم من إرسال رسول من البشر، كقوله تعالى (ذَلِكَ بِأَنَّهُ كَانَت تَّأْتِيهِمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَقَالُوا أَبَشَرٌ يَهْدُونَنَا فَكَفَرُوا وَتَوَلَّوا وَّاسْتَغْنَى اللَّهُ وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَمِيدٌ ).
وقال تعالى (فَقَالُوا أَبَشَراً مِّنَّا وَاحِداً نَّتَّبِعُهُ إِنَّا إِذاً لَّفِي ضَلَالٍ وَسُعُرٍ ) .
وقال تعالى (وَمَا أَنتَ إِلَّا بَشَرٌ مِّثْلُنَا وَإِن نَّظُنُّكَ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ ) .
وقال تعالى (وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَن يُؤْمِنُواْ إِذْ جَاءهُمُ الْهُدَى إِلاَّ أَن قَالُواْ أَبَعَثَ اللّهُ بَشَراً رَّسُولاً )، قال قتادة : عجبهم أنْ دُعُوا إلى إله واحد، ثم قال عز وجل مخبراً عنهم في تعجبهم أيضاً من المعاد واستبعادهم لوقوعه :
( أَإِذَا مِتْنَا وَكُنّا تُرَاباً ذَلِكَ رَجْعُ بَعِيدٌ ) أي يقولون أئذا متنا وبلينا وتقطعت الأوصال منا وصرنا تراباً, كيف يمكن الرجوع بعد ذلك إلى هذه البنية والتركيب ؟.
كما قال تعالى عنهم (وَقَالُوا أَئِذَا ضَلَلْنَا فِي الْأَرْضِ أَئِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ بَلْ هُم بِلِقَاء رَبِّهِمْ كَافِرُونَ )، (ضللنا في الأرض) أي هلكنا وصارت عظامنا ولحومنا تراباً مختلطاً بتراب الأرض حتى غابت فيه ولم تتميز عنه، (ذَلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ ) أي بعيد الوقوع، والمعنى أنهم يعتقدون استحالته وعدم إمكانه
وما ذكره تعالى هنا من إنكار الكفار للبعث ذكره في مواضع أخر:
قال تعالى (قَالُوا أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً وَعِظَاماً أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ ) .
وقال تعالى (أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً وَعِظَاماً أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ ) .
وقال تعالى (أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً وَعِظَاماً أَئِنَّا لَمَدِينُونَ ) .
وقال تعالى (وَكَانُوا يَقُولُونَ أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً وَعِظَاماً أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ )
وقال تعالى (وَقَالُواْ أَئِذَا كُنَّا عِظَاماً وَرُفَاتاً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً ) .
وقال تعالى ( ذَلِكَ جَزَآؤُهُم بِأَنَّهُمْ كَفَرُواْ بِآيَاتِنَا وَقَالُواْ أَئِذَا كُنَّا عِظَاماً وَرُفَاتاً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً ) .
قال ابن القيم : "وتأمل كيف دلت السورة صريحاً على أن الله سبحانه يعيد هذا الجسد بعينه، الذي أطاع وعصى، فينعّمه ويعذبه كما ينعم الروح التي آمنت بعينها، ويعذب التي كفرت بعينها، لا أنه سبحانه يخلق روحاً أخرى غير هذه فينعمها ويعذبها كما قاله من لم يعرف المعاد الذي أخبرت به الرسل، حيث زعم أن الله سبحانه يخلق بدناً غير هذه البدن من كل وجه، عليه يقع النعيم والعذاب، وهذا غير ما اتفقت عليه الرسل ودل عليه القرآن والسنة وسائر كتب الله تعالى، وهذا في الحقيقة إنكار للمعاد وموافقة لقول من أنكره من المكذبين، فإنهم لم ينكروا قدرة الله على خلْق أجسام أُخَرَ غير هذه الأجسام يعذبها وينعمها، كيف وهم يشاهدون النوع الإنساني يخلق شيئاً بعد شيء، فكيف يتعجبون من شيء يشاهدونه عياناً؟ وإنما تعجبوا من عوْدهم بأعيانهم مبعوثين للجزاء ولهذا قالوا (أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً وَعِظَاماً أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ ) وقالوا ( ذلك رجع بعيد ) ولو كان الجزاء إنما هو لأجسام غير هذه، لم يكن بعْثاً ولا رجعاً ، بل يكون ابتداءً، ولم يكن لقوله ( قد علمنا ما تنقص الأرض منهم ) كبير معنى " انتهى .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : البعث إعادة وليس تجديداً ، بل هو إعادة لما زال وتحول ، ومن زعم بأن الأجساد تخلق من جديد، فإن هذا زعْم باطل يرده الكتاب والسنة والعقل، فإن الله يقول (وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ ) أي يعيد ذلك الخلق الذي ابتدأه، وفي الحديث القدسي يقول الله تعالى ( ليس أول الخلق بأهون عليّ من إعادته ) فالكل على الله هيّن، وقال تعالى (كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُّعِيدُهُ ) .
وقال تعالى (وَضَرَبَ لَنَا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ . قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ )، وقال ( يحشر الناس حفاة عراة ) فالناس هم الذين يحشرون وليس سواهم.
قال الله تعالى رداً عليهم :
( قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنقُصُ الأرْضَ مِنْهُمْ وَعِندَنَا كِتَابٌ حَفِيظ ( أي ما تأكل من أجسادهم في البلى نعلم ذلك ولا يخفى علينا أين تفرقت الأبدان وأين ذهبت وإلى أين صارت.
قال ابن القيم أنه سبحانه يميز تلك الأجزاء التي اختلطت بالأرض واستحالت إلى العناصر بحيث لا تتميز، فأخبر سبحانه أنه قد علم ما تنقصه الأرض من لحومهم وعظامهم وأشعارهم، وأنه كما هو عالم بتلك الأجزاء، فهو قادر على تحصيلها وجمعها بعد تفرقها، وتأليفها خلقاً جديداً، (وعندنا كتاب حفيظ) أي حافظ لذلك فالعلم شامل والكتاب أيضاً فيه كل الأشياء مضبوطة، ثم بين تبارك وتعالى سبب كفرهم وعنادهم واستبعادهم ما ليس ببعيد فقال : ( بَلْ كَذّبُواْ بِالْحَقّ لَمّا جَآءَهُمْ فَهُمْ فِيَ أَمْرٍ مّرِيجٍ ) أي وهذا حال كل من خرج عن الحق مهما قال بعد ذلك فهو باطل, والمريج المختلف المضطرب الملتبس المنكر خلاله كقوله تعالى (إنكم لفي قول مختلف يؤفك عنه من أفك).
الفوائد :
*-1عظمة القرآن وإعجازه، حيث أنه من هذه الحروف التي يعرفونها ومع ذلك لم يستطيعوا أن يأتوا بمثله، وقد وقع التحدي بالقرآن الكريم على أوجه :
الوجه الأول : تحداهم بالقرآن كله، كما قال تعالى ( قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَـذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً) .
الوجه الثاني : تحداهم أن يأتوا بعشر سور من مثله، كما قال تعالى (أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ ...) .
الوجه الثالث : تحداهم أن يأتوا بسورة من مثله، كما قال تعالى (وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِّنْ مِثْلِهِ ... ) .
*-2 الثناء على هذا القرآن بأنه مجيد، وقد سبق بيان وجه كونه مجيد : ومما وصف به القرآن :
العزيز :كما قال تعالى ( وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ) ومعناه أي منيع من الشيطان، لا يجد إليه سبيلاًَ، ولا يستطيع أن يغيره، أو يزيد فيه أو ينقص منه، وعديم النظير منيع من الباطل، ومن كل من أراده بتحريف أو سوء ، ويمتنع على الناس أن يقولوا مثله، فهو غالب وقاهر.
قال ابن عطية ووصف تعالى الكتاب بالعزة، لأنه بصحة معانيه ممتنع الطعن فيه، والإزراء عليه، وهو محفوظ من الله تعالى
الكريم قال تعالى (إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ) ومعناه الكريم اسمه جامع لما يحمد، وذلك أن فيه البيان والهدى والحكمة، وهو معظم عند الله تعالى وقيل كريم لما فيه من كريم الأخلاق ومعالي الأمور وقيل لأنه يكرّم حافظه، ويعظم قارئه تفسير القرطبي 17/216
أن من أسماء القرآن هذا الاسم ( القرآن ) ومن أسمائه :
الاسم الأول: الفرقان، كما قال تعالى ( تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيراً ) وقال تعالى ( وأنزل الفرقان ) ،وسمي بذلك قيل لأنه يفرق بين الحـق والباطل، والخير والشر، وقيل لأنه نزل متفرقاً في حين أن سائر الكتب نزلت جملة واحـدة، وقيل الفرقان هو النجـاة، وذلك لأن الخلق في ظلمات الضـلالات فبالقرآن وجدوا النجاة
وكل هذه الأقوال صحيحة .
الاسم الثاني القرآن، كما قال تعالى ( شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن )، وقال تعالى ( لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتـوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيراً ).
الاسم الثالث الكتاب، كما في قوله تعالى ( ذلك الكتاب لا ريب فيه )، وقوله تعالى ( الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجاً )، وسمي بذلك لأنه مكتوب في اللوح المحفوظ، ومكتوب في الصحف التي بأيدي السفرة الكرام البررة، ومكتوب في المصاحف التي في أيدينا.
الاسم الرابع : الذكر، كما قال تعالى ( وأنـزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ) ، وقال تعالى ( إنا نحن نزلنا الذكر ).
قال ابن جرير في وجه تسميته بالذكر إنه محتمل معنيين :
أحدهما: أنه ذكر من الله جل ذكره، ذكّر به عباده، فعرفهم فيه حدوده وفرائضه، وسائر ما أودعه من حكمه .
والآخر: أنه ذكر وشرف وفخر لمن آمن به وصدق بما فيه، كما قال جل ثناؤه ( وإنه لذكر لك ولقومك ) يعني أنه شرف لك ولقومك . [ تفسير الطبري : 1 / 70 ]
*-حكمة الله في إرسال الرسل من البشر .
*-أن من ينكر البعث فهو كافر، كما قال تعالى ( زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَن لَّن يُبْعَثُوا قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ وَذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ ) .
*--وجوب الإيمان بالبعث، وهو أحد أركان الإيمان .
*-عموم علم الله تعالى لكل شيء .