مستقبل الأمة الإسلامية
لا خلاص للأمة الإسلامية مما هي فيه إلا بالرجوع إلي الله واتباع المنهج القرآني .
لقد جرب العالم الإسلامي أن يقتفي أثر الشرق أو الغرب من أجل الإصلاح .. فكانت النتيجة نكسات! والاستضعاف مستمر في الأرض، والتقتيل والتشريد قائم، وتفتيت وحدة المسلمين يشتد يوماً بعد يوم .
ذلك أنهم ماضون في مخالفة أمر الله والبعد عن كتابه الكريم .
وقد أخبرهم الله ورسوله أنهم لن ينتصروا ولن ينصلح حالهم إلا بالتزام أوامر الله : ((يأيها الذين آ’منوا إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم))(محمد : 7).
(( وإن تتولوا يستبدل قوماً غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم))( محمد : 38).
وقد آن للآمة الإسلامية أن تعرف هذه الحقيقة وتعمل بمقتضاها .
آن لها أن تدرك أولاً أن ما بين يديها من كتاب الله وسنة رسوله خير مما يسعون إلي اكتسابه من مناهج الجاهلية : ((أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكماً لقوم يوقنون))(المائدة : 5.).
وأن التشريع السماوي الذي يعرضون عنه هو أكمل تشريع وأفضل تشريع، بينما شرائع الجاهلية كلها نقص وانحراف واختلال .
وأن منهج التربية الإسلامية هو وحده الكفيل بإنشاء الصالح، وما سواه كله انحراف .
وتدرك أن الله أخرج هذه الأمة لتكون متميزة بذاتها وتكون في مركز القيادة لكل البشرية، لا ذيلاً لها غير متميز السمات : ((وكذلك جعلناكم أمة وسطاً لتكونوا شهداء علي الناس ويكون الرسول عليكم شهيداً))(البقرة:143).
وتدرك أخيراً أنه إن كان قد كتب عليها بسبب إهمالها وتفريطها أن تفقد قوتها العلمية والمادية، وأن نتلمذ علي أوربا في هذا المجال، فليس معني ذلك أن تنسلخ من دينها، وتأخذ عن أوربا نظمها وأخلاقها وأفكارها وأنماط سلوكها، فكل تلك انحرافات جاهلية حذرها الله من الوقوع فيها، وحذرها من أعداءها سيحاولون جذبها إليها : ((ودوا لو تكفرون كما كفروا فتكونون سواء))(النساء : 89).
((ودت طائفة من أهل الكتاب لو يضلونكم))(آل عمران : 69).
ولقد تتلمذت أوربا علي المسلمين مرة من قبل فأخذت علومهم ومعارفهم لتقيم عليها نهضتها، وأبت أن تأخذ منهم الإسلام وهو الحق! أفلا يصنع المسلمون مثلهم فيتتلمذوا علي علومهم ومعارفهم ويرفضوا أفكارهم ونظمهم وتقاليدهم وهي باطل؟!
وحين يستقيم أمر المسلمين علي هذه الصورة فيومئذ فقط يتغير واقعهم . إذا أخذوا العلم من أي مكان في الأرض يجدونه فيه، وبقوا في الوقت ذاته علي دينهم وعلي التزامهم بأمر ربهم، فسيكونون هم الستار لقدر الله ليحدث تغييراً هائلا في الأرض .
((إن الله لا يغير ما بقوم حتي يغيروا ما بأنفسهم))(الرعد : 11) .
فإذا غير المسلمون ما بأنفسهم، وكفوا عن إعراضهم عن كتاب الله، وعادوا إلي الأخذ بمنهجهم القرآني، فسيعيد الله خيراتهم إليهم – بقدر منه وبجهد يبذلونه تنفيذاً لأمر ربهم – فيصبحون أغني أمة في الأرض : ((ولو أن أهل القري آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض))(الأعراف : 96).
ويصبحون من ثم أقوي أمة في الأرض، فإن الغني هو الذي ينشئ القوة المادية التي ينتصر بها المؤمنون.
ويصبحون أداة سلام في العالم المهدد بالدمار .. لأن العالم – بمعسكريه – إنما يتنازع علي امتلاكنا نحن! فسنكون القوة التي تمنع النزاع في الأرض، أو في القليل يكون نزاعهم خارجاً عنا وليس واقعاً علينا كما هو اليوم.