المبين
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


يتناول مواضيع دينبة
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 مختصر تفسير ابن عاشور

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
Admin



المساهمات : 629
تاريخ التسجيل : 03/03/2013

مختصر تفسير ابن عاشور Empty
مُساهمةموضوع: مختصر تفسير ابن عاشور   مختصر تفسير ابن عاشور Icon_minitimeالسبت أغسطس 10, 2013 6:22 pm

مختصر تفسير ابن عاشور
*
}الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللُّه وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ{ )البقرة: 197

يبدو أن هذه الآية نزلت سنة تسع تهيئة لحج المسلمين مع أبي بكر الصديق، رضي الله عنه، ويرى ابن عاشور أنها نزلت بعد آية آل عمران/ 97 وهي قوله تعالى: }وَ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً{ فهذه نزلت في الحج إجمالا، وآية البقرة أخذت في تفصيل ذلك الإجمال، وبينهما نحو ثلاث سنين، وأظهرت عناية الله بالحج، وهي عبادة عظيمة، لذلك فصل فيها ونفى ما أدخلته الجاهلية من الخرافات، ووصفت الأشهر بمعلومات، لأن ذلك معروف عند العرب من مواريث سيدنا إبراهيم، وهي مدة كافية، لرجوع الحجاج إلى بلدانهم، وأما رجب فإنما حرمته مضر لأنه شهر العمرة عندهم، والأشهر المقصودة هي شوال، وذو القعدة، وذو الحجة، فمن نوى الحج وعزم عليه فإنه يحرم به ويلبي، ويكف عن الرفث وهو اللغو من الكلام والفحش، واجتناب قرب النساء ومغازلتهن وسائر أنواع الفسق والمعاصي، وعن الجدال والخصام والسباب، والمغاضبة، وما ينافي حرمة الحج، وعلى الحجاج أن يفعلوا الخير، الذي يجازي الله عليه، وهو معنى يعلمه، ومعنى: }وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللُّه{: الترغيب في الخير، والإكثار منه، لأن
الله يعلمه ويجازي عليه.

وقوله: }وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ{: التزود هو إعداد الزاد الذي يحمله المسافر معه، والتزود تفعل مشتق من اسم جامد أي الزاد، كما يقال تعمم وتقمص، واستعير التزود للاستكثار من فعل الخير، تهيئة ليوم الجزاء، تشبيها بإعداد المسافر للزاد لسفره، ويطلق اسم السفر على الموت، )فإن خير الزاد التقوى(: أي أن التقوى أفضل من التزود للسفر، وهذا ترغيب في الحرص عليها، ويكون المعنى أيضا إعداد الزاد للسفر للقيام بالحج وهذا
تعريض لما يقوم به بعض أهل اليمن الذين يحجون ويتوكلون بلا إعداد زاد فيكونون عالة على الناس، و)التقوى( الحذر من عقاب الله تعالى باتباع أوامره واجتناب نواهيه، وهو مصدر
اتقى، أي حذر شيئا.

}لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَبْتَغُواْ فَضْلاً مِّن رَّبِّكُمْ فَإِذَا أَفَضْتُم مِّنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُواْ اللَّه عِندَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِن كُنتُم مِّن قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ{ Smile )البقرة: 198
تبيح الآية لمن كانوا يتحرجون منه في الحج وهو التجارة، فهي لا تنافي مقصد الحج، إبطالا لما كان اعتاد عليه أهل الجاهلية من تحريم التجارة في الحج، والفضل هنا معناه المال، وابتغاء الفضل هو التجارة التي يقصد بها الربح كما قال تعالى: }وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الأرض يَبْتَغُونَ مِن فَضْل ِالله {َِّ المزمل: 20 ، لأن الجاهليين يتأثمون أن يتاجروا في مواسم الحج، فإذا غادروا الأسواق مثل عكاظ ومجنة وغيرهما حرم عليهم البيع والشراء، فسوق عكاظ تفتح أوائل ذي القعدة، وتدوم عشرين يوما تباع فيها نفائس البضائع، ويتبارى فيها الشعراء، وتتفاخر القبائل، وهي تقع بين نخلة والطائف، ومنها يتنقلون إلى مجنة ثم إلى ذي المجاز.

وقوله: }فَإِذَا أَفَضْتُم مِّنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُواْ اللَّه عِندَ المشاعر الحرام " الإفاضة الخروج بسرعة من قولهم فاض الماء إذا كثر على ما يحويه فسال منه، وسمي الخروج من عرفات إفاضة لأنهم يخرجون في وقت واحد وبشدة، وكذلك الخروج من مزدلفة ويسميه العرب أيضا الدفع، والخروج
من مزدلفة يسمى إفاضة، وهذا الإطلاق من بلاغة القرآن في التشبيه، ولذلك نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الضوضاء والجلبة في ذلك وأمر بالسكينة والوقار.

وعرفات اسم لمسيل واسع تنحدر إليه مياه جبال تحيط به تعرف بجبال عرفة، وعرفات بالجمع علم على ذلك المتسع، ويطلق عليه عرفة بالإفراد، فهو علم مرتجل عند الزمخشري وابن عطية، وأصله عرفات من العربية العتيقة، وهذا الذكر لعرفات في الآية يشير إلى أن الوقوف فيها
ركن من أركان الحج، وذكر الإفاضة منها يقتضي سبق الوقوف بها، ولم يذكر في مناسك الحج إلا عرفة والصفا والمروة، مما يدل على أنها من أركان الحج، ويؤخذ الإحرام من قوله تعالى: }فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الحج{ .) )البقرة: 197

وأما طواف الإفاضة فقد دلت عليه السنة، وذكر عرفات جاء ردا على قريش التي تقف في المزدلفة التي تسمى جمعا أيضا ويسمون بالحمس، فيرون أن الوقوف لا ينبغي أن يقع خارج حدود الحرم، لأن عرفات تقع خارج الحرم، وهو ما يسمى بالحل، والمزدلفة هي المكان الذي يفيض منه الناس بعد عرفات، ولذلك سمي جمعا فيما يبدو.

أما المشعر فهو اسم مشتق من الشعور أي العِلم، أو من الشعار أي العلامة، لأنه أقيمت فيه علامة
كالمنار منذ الجاهلية كي لا يخفى عليهم الطريق، خاصة إذا أظلم الليل، ووصف بالحرام لأنه من أرض الحرم بخلاف عرفات فإنها من الحل، ويقصد بالمشعر الحرام المزدلفة، وسميت بذلك لأنها ازدلفت من منى أي اقتربت، وتسمى المزدلفة أيضا قزح باسم قرن جبل يقال له: الميقَدة لأن العرب في الجاهلية كانوا يوقدون عليه النار، وعنده تقف قريش في الجاهلية والمبيت في المزدلفة
سنة عند الإمام مالك.

}وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِن كُنتُم مِّن قَبْلِهِ لمن الضَّالِّينَ{: هذا تشبيه الذكر بالهدى، أي اذكروه
ذكرا مساويا لهدايته إياكم، ويعود ضمير من إلى الهدى المأخوذ من » قبله «ما المصدرية، ويقصد بذلك ظلالهم في الجاهلية.

}فَإِذَا قَضَيْتُم مَّنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُواْ اللَّه كَذِكْرِكُمْ آبَاءكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً فَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ، وِمِنْهُم مَّن يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً
وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ{)البقرة 201

المناسك جمع منسك من فعل نسك إذا تعبد فهو مصدر ميمي، وأعيد الأمر بالذكر حثا عليه، وإبطالا لما كان عليه أهل الجاهلية من فضول القول، والتفاخر، والجدال، والمقصود أن يكون
الحاج مشتغلا بالعبادة قولا وفعلا، وقوله: )كذكركم آباءكم(: إشارة إلى ما كانوا عليه من الاشتغال
في أيام منى بالتفاخر بالأنساب ومفاخر أيامهم، وكانوا يقفون بين مسجد منى أي في موضعه اليوم، وهو مسجد الخيف والجبل، أي جبل منى الذي يبدأ من العقبة التي ترمى بها الجمرة ومن ذلك الدعاء، والمراد بالذين لا خلاق لهم ولا نصيب هم المشركون، وهذا ذم لهم لأنهم لا
يؤمنون بالحياة الآخرة، فالخلاق معناه الحظ من الخير مشتق من الخلاقة وهي الجدارة، فيقال خلُق فلان بالشيء إذا كان جديرا به.

نعت لفعل أو » حسنة « وكلمة خصلة، حذف المنعوت ونزل النعت منزلته، وهذا الدعاء يشمل الوقاية من النار، فأولئك من المؤمنين الداعين هذا الدعاء لهم نصيب مما عملوا، وفي ذلك وعد من الله باستجابة هذا الدعاء الذي كسبوه أي طلبوه، لأن فعل: كسب يدل على طلب ما يرغب فيه، ويجوز أن يكون معنى كسب عمل.

قصد به » والله سريع الحساب « تحقيق الوعد بحصول الإجابة، وزيادة تبشير، لأن إجابة الدعاء سريعة الحصول، وقصد بالحساب هنا مراعاة العمل والمجازاة عليه، وأصل الحساب العد ثم قصد به عد الأشياء التي يراد الجزاء عليها، ويدل أيضا على الوفاء بالحق، يقال حاسبه أي كافأه
أو دفع إليه حقه، ولذلك سمي يوم القيامة يوم الحساب.

قال الله تعالى: }إِنْ حِسَابُهُمْ إِ عَلَى رَبِّي الشعراء: 113 (، وقال: }جَزَاء مِّن رَّبِّكَ عَطَاء حِسَاباً{ )النبأ: 36 (، ويشمل ذلك الوفاء بالوعد، والمعنى إذا أتممتم مناسك الحج فلا تنقطعوا عن ذكر
الله والدعاء، ولا تكونوا كالمشركين الذين نسوا الآخرة واشتغلوا بالتفاخر، فإنكم إذا سألتموه
أعطاكم نصيبا في الدنيا وعجل لكم استجابة الدعاء في الآخرة.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almobine.yoo7.com
 
مختصر تفسير ابن عاشور
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
المبين :: الفئة الأولى :: المنتدى الأول-
انتقل الى: