المبين
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


يتناول مواضيع دينبة
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 شرح الموطاء كتاب البيوع الجزء3

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
Admin



المساهمات : 629
تاريخ التسجيل : 03/03/2013

شرح  الموطاء   كتاب  البيوع  الجزء3 Empty
مُساهمةموضوع: شرح الموطاء كتاب البيوع الجزء3   شرح  الموطاء   كتاب  البيوع  الجزء3 Icon_minitimeالسبت سبتمبر 07, 2013 8:50 pm

شرح الموطاء كتاب البيوع الجزء3

الْبَابُ الثَّانِي فِي بَيَانِ الْعُيُوبِ الَّتِي يَجِبُ بِهَا الرَّدُّ وَتَمْيِيزُهَا مِنْ غَيْرِهَا الْعُيُوبُ الَّتِي يَثْبُتُ بِهَا الْخِيَارُ فِي الرَّدِّ بِالْعَيْبِ مُجْمَلَةٌ , وَذَلِكَ أَنَّ خِيَارَ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ عَلَى ضَرْبَيْنِ : أَحَدُهُمَا : أَنْ يَثْبُتَ بِغَيْرِ شَرْطٍ , وَالثَّانِي لَا يَثْبُتُ إلَّا بِشَرْطٍ , فَأَمَّا مَا يَثْبُتُ بِغَيْرِ شَرْطٍ فَهُوَ لِكُلِّ عَيْبٍ فِي الْمَبِيعِ يَنْقُصُ ثَمَنُهُ وَهُوَ عَلَى قِسْمَيْنِ : قِسْمٌ هُوَ نَقْصٌ فِي عَيْنِ الْمَبِيعِ , وَالْقِسْمُ الثَّانِي نَقْصٌ فِي غَيْرِ عَيْنِهِ لَكِنَّهُ يَنْقُصُ ثَمَنُهُ , فَأَمَّا مَا هُوَ نَقْصٌ فِي عَيْنِهِ كَالْعَوَرِ وَالْعَمَى وَقَطْعِ يَدٍ أَوْ رِجْلٍ أَوْ أُصْبُعٍ وَوُجُودِ الظَّفَرَةِ فِي الْعَيْنِ أَوْ الْبَيَاضِ وَالصَّمَمِ وَالْخَرَسِ وَالْبُكْمِ إلَّا فِي الصَّغِيرِ الَّذِي لَا يَتَبَيَّنُ أَمْرُهُ وَالْعُسْرِ فِي الْعَبْدِ بِأَنْ لَا يَعْمَلُ بِيُمْنَاهُ وَالْبَخَرُ فِي الْفَمِ فِي الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى . ( مَسْأَلَةٌ ) : وَأَمَّا الْأَضْرُسُ , فَإِنَّ نَقْصَ الضِّرْسِ الْوَاحِدِ عَيْبٌ فِي الرَّائِعَةِ حَيْثُ كَانَ , وَلَيْسَ بِعَيْبٍ فِي غَيْرِ الرَّائِعَةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي مُقَدَّمِ الْفَمِ أَوْ يَنْقُصُ ضِرْسَانِ حَيْثُ كَانَا فَإِنَّهُ عَيْبٌ فِي الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى , وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الضِّرْسَ الْوَاحِدَ لَا يُؤَثِّرُ كَبِيرَ نَقْصٍ مِنْ جِهَةِ الْخِلْقَةِ إلَّا أَنَّهُ يُنْقِصُ مِنْ ثَمَنِ الرَّائِعَةِ ; لِأَنَّهُ يُتَّقَى مِنْهُ تَغَيُّرُ الرَّائِحَةِ حَيْثُ كَانَ فِي أَكْثَرِ الْأَوْقَاتِ وَإِذَا كَانَ فِي مُقَدَّمِ الْفَمِ فَإِنَّهُ يَقْبُحُ مَنْظَرِهِ فَاسْتَوَى فِي ذَلِكَ الرَّائِعَةُ وَغَيْرُهَا , وَالضِّرْسَانِ مُؤَثِّرَانِ وَمَانِعَانِ مِنْ قُوَّةِ الْأَكْلِ وَعَجَلَتِهِ لَا سِيَّمَا فِيمَا يَحْتَاجُ إلَى شِدَّةِ مَضْغٍ , وَهَذِهِ الْمَعَانِي وَالْأَسْبَابُ إنَّمَا تُعْتَبَرُ بِنَقْصِ الثَّمَنِ فِيمَا يُنْقِصُ هُوَ عَيْبُ الرَّدِّ , وَمَا لَا يُنْقِصُ الثَّمَنَ فَلَا حُكْمَ فِيهِ لِلرَّدِّ . ( مَسْأَلَةٌ ) : وَأَمَّا الشَّيْبُ فَفِي كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ تُرَدُّ بِهِ الرَّائِعَةُ وَلَا يُرَدُّ بِهِ غَيْرُهَا قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ , وَهَذَا فِي الشَّابَّةِ , وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مَالِكٍ لَا تُرَدُّ الرَّائِعَةُ إلَّا بِكَثِيرِهِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الرِّوَايَتَانِ قَوْلًا وَاحِدًا ; لِأَنَّ الْيَسِيرَ مِنْ الشَّيْبِ لَيْسَ بِعَيْبٍ ; لِأَنَّهُ كَثِيرٌ شَائِعٌ كَالْخَالِ يَكُونُ وَالشَّعْرَةُ وَالشَّعْرَتَانِ تَبْدُو مِمَّا لَا يُسَمِّجُ وَلَا يُرَى إلَّا مَعَ فَرْطِ التَّأَمُّلِ وَالتَّفْتِيشِ , وَأَمَّا الْكَثِيرُ فَإِنَّهُ مُؤَثِّرٌ فِي الْجَمَالِ فَاخْتَصَّ بِالرَّائِعَةِ دُونَ غَيْرِهَا .
( بَابٌ ) وَأَمَّا مَا يَحْدُثُ بِالْمَبِيعِ مِمَّا يَثْبُتُ بِهِ الْخِيَارُ لِلْمُبْتَاعِ فِي الرَّدِّ بِالْعَيْبِ أَوْ الرُّجُوعِ بِقِيمَتِهِ فَسَيَأْتِي ذِكْرَهُ بَعْدَ هَذَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى .
( بَابٌ ) وَأَمَّا مَا يُفِيتُ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ فَعَلَى ثَلَاثَةِ أَضْرُبٍ : أَحَدُهَا : أَنْ يَفُوتَ الْمَبِيعُ مِنْ مِلْكِ الْبَائِعِ وَالثَّانِي أَنْ يَكُونَ بَاقِيًا فِي مِلْكِهِ , وَلَكِنْ تَغَيَّرَ تَغَيُّرًا أَحَالَهُ مِنْ جِنْسِهِ وَالثَّالِثُ أَنْ يَعْقِدَ فِيهِ عَقْدًا يَمْنَعُ مِنْ رَدِّهِ , فَأَمَّا الضَّرْبُ الْأَوَّلُ فَعَلَى قِسْمَيْنِ : أَحَدُهُمَا أَنْ يَخْرُجَ عَنْ مِلْكِهِ بِغَيْرِ عِوَضٍ مِثْلَ أَنْ يَمُوتَ أَوْ يُعْتِقَهُ أَوْ يَتَصَدَّقَ بِهِ فَمَعَ هَذَا كُلِّهِ قَدْ فَاتَ الرَّدُّ بِالْعَيْبِ لِفَوَاتِ الْعَيْنِ وَخُرُوجِهَا عَنْ مِلْكِهِ وَلَهُ الرُّجُوعُ بِقِيمَةِ الْعَيْبِ ; لِأَنَّ الْبَائِعَ قَدْ أَخَذَ مِنْ مَالِ الْمُبْتَاعِ مَا يُقَابِلُ الْعَيْبَ مِنْ الثَّمَنِ بِغَيْرِ ثَمَنٍ فَكَانَ لَهُ الرُّجُوعُ بِهِ . ( مَسْأَلَةٌ ) : فَإِنْ خَرَجَ عَنْ مِلْكِهِ قَبْلَ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ بِعِوَضٍ كَالْبَيْعِ أَوْ الْهِبَةِ لِلثَّوَابِ فَلَا يَخْلُو أَنْ يَبِيعَهُ مِنْ بَائِعِهِ أَوْ غَيْرِهِ , فَإِنْ بَاعَهُ مِنْ بَائِعِهِ مِنْهُ بِمِثْلِ الثَّمَنِ فَلَا تَرَاجُعَ بَيْنَهُمَا فِي تَدْلِيسٍ وَلَا غَيْرِهِ , وَإِنْ كَانَ بِأَقَلَّ مِنْ الثَّمَنِ رَجَعَ عَلَيْهِ بِبَقِيَّةِ الثَّمَنِ إلَّا بِالْأَقَلِّ مِنْ الْبَقِيَّةِ أَوْ قِيمَةِ الْعَيْبِ وَجْهُ ذَلِكَ مَا احْتَجَّ بِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ عِنْدَهُ لَرَدَّ عَلَيْهِ وَرَجَعَ بِجَمِيعِ ذَلِكَ وَقَدْ رَدَّهُ إلَيْهِ فَكَانَ لَهُ اسْتِيفَاءُ جَمِيعِ الثَّمَنِ وَإِنْ كَانَ بَاعَهُ مِنْهُ بِأَكْثَرَ مِنْ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ , فَإِنْ كَانَ مُدَلِّسًا فَلَا رُجُوعَ لِلْبَائِعِ الْأَوَّلِ عَلَى الثَّانِي , وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُدَلِّسًا رَدَّهُ الْبَائِعُ الْأَوَّلُ عَلَى الثَّانِي , ثُمَّ رَدَّهُ عَلَيْهِ الثَّانِي فَيَكُونُ التَّرَاجُعُ بَيْنَهُمَا فِي الثَّمَنِ . ( مَسْأَلَةٌ ) : فَإِنْ خَرَجَ عَنْ مِلْكِهِ إلَى غَيْرِ الْبَائِعِ مِنْهُ فَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي ذَلِكَ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ ذَلِكَ فَوْتٌ وَلَا رُجُوعَ لَهُ بِقِيمَةِ الْعَيْبِ وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ , وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ لَهُ الرُّجُوعُ بِقِيمَةِ الْعَيْبِ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ , وَقَالَ أَشْهَبُ يَرْجِعُ بِالْأَقَلِّ مِنْ قِيمَةِ الْعَيْبِ أَوْ بَقِيَّةِ الثَّمَنِ وَحَكَوْا ذَلِكَ عَنْ مَالِكٍ وَجْهُ مَا قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ مَا احْتَجَّ بِهِ أَنَّ الْمُبْتَاعَ إذَا بَاعَ وَقَدْ عَلِمَ بِالْعَيْبِ فَقَدْ رَضِيَهُ , وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ فَلَمْ يُنْقِصْهُ مِنْ الثَّمَنِ وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّهُ انْتَقِلْ إلَى مِلْكٍ بِعِوَضٍ صَارَ إلَى الْبَائِعِ عَنْ جَمِيعِهَا , وَلِذَلِكَ إذَا رَجَعَ الْمُبْتَاعُ عَلَيْهِ بِقِيمَةِ الْعَيْبِ كَانَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْبَائِعِ مِنْهُ ; لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ عِنْدَهُ ثَمَنُ جَمِيعِ مَا صَارَ إلَيْهِ بِالِابْتِيَاعِ وَبِهَذَا فَارَقَ الْعِتْقَ وَالْهِبَةَ فَإِنَّهُ لَمْ يَصِلْ إلَيْهِ عِوَضٌ عَنْ جَمِيعِ مَا ابْتَاعَ فَكَانَ لَهُ الرُّجُوعُ بِقَدْرِ الْجُزْءِ الَّذِي لَمْ يَصِلْ إلَيْهِ مِنْ الْمَبِيعِ , وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي أَنَّ الْبَيْعَ إخْرَاجٌ لِلْمَبِيعِ عَنْ الْمِلْكِ فَكَانَ فَوْتًا لَا يَمْنَعُ الرُّجُوعَ بِقِيمَةِ الْعَيْبِ كَالْعِتْقِ وَالْهِبَةِ , وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّالِثِ أَنَّ الَّذِي كَانَ يَثْبُتُ لِلْمُبْتَاعِ لَوْ كَانَ بِيَدِهِ الرَّدُّ بِالْعَيْبِ وَالرُّجُوعِ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ فَمَا أُخِذَ مِنْ ثَمَنِهِ حِينَ بَاعَهُ عِوَضٌ عَنْ ذَلِكَ , فَإِنْ كَانَ فِيهِ نَقْصٌ كَانَ عَلَيْهِ جَبْرُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَةِ الْعَيْبِ فَلَيْسَ لَهُ إلَّا قَدْرُ الْعَيْبِ . ( مَسْأَلَةٌ ) : فَإِنْ تَغَيَّرَ وَهُوَ بَاقٍ عَلَى مِلْكِهِ تَغَيُّرًا يَنْقُلُهُ عَنْ جِنْسِهِ فَهَلْ يَكُونُ فَوْتًا يَمْنَعُهُ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ أَمْ لَا ؟ عَنْ مَالِكٍ فِي ذَلِكَ رِوَايَتَانِ قَالَهُمَا فِي الصَّغِيرِ يَكْبَرُ وَالْكَبِيرُ يَهْرَمُ , أَحَدُهُمَا أَنَّهُ فَوْتٌ وَلَيْسَ لَهُ إلَّا الرُّجُوعَ بِقِيمَةِ الْعَيْبِ عَلَى مَا أَحَبَّ الْبَائِعُ أَوْ كَرِهَ وَاخْتَارَهَا ابْنُ الْقَاسِمِ فِي هَرَمِ الْكَبِيرِ , وَالثَّانِيَةُ لَيْسَ ذَلِكَ بِفَوْتٍ وَلَهُ الرَّدُّ وَجْهُ الرِّوَايَةِ الْأُولَى أَنَّ مَا كَانَ مُخْرِجًا لِلشَّيْءِ عَنْ جِنْسِهِ حَتَّى يَجُوزَ سَلَمُهُ فِيهِ فَإِنَّهُ يُفِيتُ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ فِيمَا لَا مِثَالَ لَهُ لِتَصْيِيرِ الثَّوْبِ خِرَقًا وَالْجُلُودِ خِفَافًا , وَوَجْهُ الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ أَنَّ الْعَيْنَ بَاقِيَةٌ فِي مِلْكِ الْمُبْتَاعِ فَلَمْ يَفُتْ رَدُّهَا بِالْعَيْبِ كَمَا لَوْ فَقَأَ عَيْنَهَا أَوْ قَطَعَ يَدَهَا . ( فَرْعٌ ) فَإِذَا قُلْنَا إنَّ ذَلِكَ فَوْتٌ فَيَجِبُ أَنْ يُرَاعَى فِي الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ مَا يُرَاعَى فِيهِمَا مِنْ جَوَازِ تَسْلِيمِ صَغِيرًا لِجِنْسٍ فِي كَبِيرِهِ ; لِأَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَيْهِ , وَأَمَّا فِي الْكَبِيرِ يَهْرَمُ فَحَكَى الشَّيْخُ أَبُو بَكْرٍ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ ذَلِكَ إذَا ضَعُفَ فَذَهَبَتْ قُوَّتُهُ وَمَنْفَعَتُهُ أَوْ أَكْثَرُهُمَا قَالَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ إذَا هَرِمَ هَرَمًا لَا مَنْفَعَةَ فِيهِ أَنَّهُ فَوْتٌ لِلرَّدِّ بِالْعَيْبِ , وَالصَّحِيحُ عِنْدِي مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ إذَا ضَعُفَ عَنْ مَنْفَعَتِهِ الْمَقْصُودَةِ وَلَمْ يُمْكِنْهُ الْإِتْيَانُ بِهَا أَنَّ ذَلِكَ فَوْتٌ لِلرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَيَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْعَيْبِ . ( فَرْعٌ ) فَإِنْ قُلْنَا بِالرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ عَلَى مَا اخْتَارَهُ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ فَإِنَّهُ يَثْبُتُ لَهُ الْخِيَارُ بَيْنَ أَنْ يُمْسِكَ الْمَبِيعَ وَيَرْجِعَ بِقِيمَةِ الْعَيْبِ وَبَيْنَ أَنْ يَرُدَّهُ , فَأَمَّا فِي الْكَبِيرِ يَهْرَمُ فَيُرَدُّ مَعَهُ مَا نَقَصَهُ الْهَرَمُ ; لِأَنَّهُ قَدْ حَدَثَ عِنْدَهُ نَقْصٌ غَيْرُ مُفِيتٍ , وَأَمَّا فِي الصَّغِيرِ يَكْبُرُ فَإِنَّهُ يَرُدُّهُ وَلَا شَيْءَ لَهُ مِنْ الزِّيَادَةِ لَا يُشَارِكُهُ بِهَا فِي عَيْنِهِ وَلَا يَأْخُذُ قِيمَتَهَا مِنْهُ ; لِأَنَّهُ نَمَاءٌ مِنْ جِنْسِ الْمَبِيعِ فَلَمْ يَكُنْ لِلْمُبْتَاعِ أَنْ يُشَارِكَ بِهِ الْبَائِعَ كَالسِّمَنِ .
( ش ) : وَهَذَا كَمَا قَالَ أَنَّ مَنْ ابْتَاعَ سِلْعَةً وَحَدَثَ بِهَا عِنْدَهُ عَيْبٌ مُفْسِدٌ , ثُمَّ ثَبَتَ فِيهَا عَيْبٌ قَدِيمٌ كَانَ عِنْدَ الْبَائِعِ فَإِنَّ الْمُبْتَاعَ بِالْخِيَارِ بَعْدَ ذَلِكَ بَيْنَ أَنْ يُمْسِكَ الْمَبِيعَ وَيَرْجِعَ بِقِيمَةِ الْعَيْبِ , وَبَيْنَ أَنْ يَرُدَّ الْمَبِيعَ وَقِيمَةَ الْعَيْبِ الَّذِي حَدَثَ عِنْدَهُ وَيَرْتَجِعَ جَمِيعَ الثَّمَنِ , وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ لَيْسَ لَهُ رَدُّ الْمَبِيعِ , وَإِنَّمَا لَهُ الرُّجُوعُ بِقَدْرِ الْعَيْبِ خَاصَّةً وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ مَالِكٌ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم { لَا تُصِرُّوا الْإِبِلَ وَالْغَنَمَ فَمَنْ ابْتَاعَهَا بَعْدَ ذَلِكَ فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ إنْ شَاءَ أَمْسَكَهَا , وَإِنْ شَاءَ رَدَّهَا وَصَاعًا مِنْ تَمْرٍ } . فَوَجْهُ الدَّلِيلِ أَنَّهُ لَمَّا أَتْلَفَ الْمُبْتَاعُ اللَّبَنَ وَبَقِيَ سَائِرُ الْحَيَوَانِ جَعَلَهُ بِالْخِيَارِ بَيْنَ أَنْ يَغْرَمَ مَا أَتْلَفَ وَيَرُدَّ مِنْ الْحَيَوَانِ وَبَيْنَ أَنْ يُمْسِكَهُ وَدَلِيلُنَا مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى أَنَّ الْبَائِعَ قَدْ دَلَّسَ بِعَيْبٍ وَالْمُبْتَاعُ قَدْ حَدَثَ عِنْدَهُ عَيْبٌ بِغَيْرِ تَدْلِيسٍ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا رَاضٍ بِمَا كَانَ عِنْدَ صَاحِبِهِ مِنْ الْعَيْبِ فَإِذَا تَعَارَضَ الْحَقَّانِ كَانَ أَوْلَاهُمَا بِالتَّقْلِيبِ الْمُبْتَاعُ ; لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ تَدْلِيسٌ وَلَا تَعَمُّدٌ إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَفِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بَابَانِ أَحَدُهُمَا فِي بَيَانِ الْمَعَانِي الَّتِي تُثْبِتُ الْخِيَارَ لِلْمُبْتَاعِ وَتَمَيُّزِهَا مِمَّا لَا يَثْبُتُ لَهُ ذَلِكَ وَالثَّانِي فِي صِفَةِ الْعَمَلِ فِي الِارْتِجَاعِ وَالرَّدِّ .

الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي بَيَانِ الْمَعَانِي الَّتِي تُثْبِتُ الْخِيَارَ إلَخْ أَمَّا الْمَعَانِي الَّتِي تُثْبِتُ الْخِيَارَ فَإِنَّهَا عَلَى ضَرْبَيْنِ نُقْصَانٌ وَزِيَادَةٌ , فَأَمَّا النَّقْصُ فَعَلَى قِسْمَيْنِ : نَقْصٌ مِنْ جِهَةِ الْقِيمَةِ وَنَقْصٌ مِنْ جِهَةِ الْبَدَنِ , فَأَمَّا النَّقْصُ مِنْ جِهَةِ الْقِيمَةِ فَإِنَّهُ يَكُونُ لِمَعْنَيَيْنِ : أَحَدُهُمَا : لِاخْتِلَافِ الْأَسْوَاقِ وَالثَّانِي لِتَغَيُّرِ حَالِ الْمَبِيعِ , فَأَمَّا النَّقْصُ لِاخْتِلَافِ الْأَسْوَاقِ فَإِنَّهُ لَا يَمْنَعُ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ وَلَا يُوجِبُ رَدَّ شَيْءٍ مَعَهُ وَلَا يَثْبُتُ الْخِيَارُ لِلْمُبْتَاعِ , فَأَمَّا مَا نَقَصَ الْقِيمَةَ لِتَغَيُّرِ الْمَبِيعِ فِي غَيْرِ بَدَنِهِ مِثْلُ أَنْ يَحْدُثَ فِيهِ إبَاقٌ أَوْ سَرِقَةٌ أَوْ زِنًى أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا لَا يُؤَثِّرُ فِي بَدَنِهِ , وَلَكِنَّهُ يُزَهِّدُ فِيهِ وَيُنْقِصُ الْكَثِيرَ مِنْ ثَمَنِهِ فَهَذَا قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ لَا يَثْبُتُ الْخِيَارُ , وَلَهُ أَنْ يَرُدَّ الْمَبِيعَ دُونَ غُرْمِ شَيْءٍ لِمَا حَدَثَ عِنْدَهُ , وَفِي الْعُتْبِيَّةِ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيمَنْ اشْتَرَى جَارِيَةً فَزَوَّجَهَا فَوَلَدَتْ إمَّا حَبَسَهَا فَلَا شَيْءَ لَهُ , وَإِمَّا رَدَّهَا بِوَلَدِهَا , وَفِي الْمُزَنِيَّة مِنْ رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ صَدَقَةَ عَنْ مَالِكٍ فِيمَنْ اشْتَرَى جَارِيَةً فَزَوَّجَهَا , ثُمَّ وَجَدَ بِهَا عَيْبًا فَإِنَّهُ بِالْخِيَارِ بَيْنَ أَنْ يُوضَعَ عَنْهُ قَدْرُ الْعَيْبِ الْقَدِيمِ وَبَيْنَ أَنْ يَرُدَّهَا وَيَرُدَّ مَعَهَا مَا نَقَصَ التَّزْوِيجُ وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّ ذَلِكَ نَقْصٌ يَخْتَصُّ بِالْقِيمَةِ فَلَمْ يَكُنْ عَلَى الْمُبْتَاعِ فِيهِ غُرْمٌ كَبَعْضِ الْقِيمَةِ لِتَغَيُّرِ الْأَسْوَاقِ , وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي أَنَّهُ عَيْبٌ يُنْقِصُ كَثِيرَ الثَّمَنِ لِحُدُوثِهِ وَعِنْدَ الْمُبْتَاعِ يَثْبُتُ لَهُ الْخِيَارُ بَيْنَ رَدِّ الْمَبِيعِ وَمَا نَقَصَهُ أَوْ التَّمَسُّكِ بِهِ وَالرُّجُوعِ بِقِيمَةِ الْعَيْبِ كَنَقْصِ الْبَدَنِ .

( الْبَابُ الثَّانِي فِي صِفَةِ الْعَمَلِ فِي الِارْتِجَاعِ وَالرَّدِّ فِيمَنْ يَثْبُتُ لَهُ الْخِيَارُ ) , وَذَلِكَ أَنَّ مَعْنَى الْخِيَارِ الْمَذْكُورِ أَنْ يَكُونَ لِلْمُبْتَاعِ أَنْ يُمْسِكَ الْمَبِيعَ الْمَعِيبَ وَيَرْجِعَ بِقِيمَةِ الْعَيْبِ الْقَدِيمِ أَوْ يَرُدَّهُ عَلَى الْبَائِعِ وَيَرُدَّ مَعَهُ قِيمَةَ الْعَيْبِ الْحَادِثِ عِنْدَهُ , فَإِنْ أَرَادَ الْإِمْسَاكَ فَإِنَّهُ تُقَوَّمُ السِّلْعَةُ تَقْوِيمَيْنِ : أَحَدُهُمَا : أَنْ تُقَوَّمَ سَلِيمَةً مِنْ الْعَيْبِ يَوْمَ الْبَيْعِ , ثُمَّ تُقَوَّمَ مَعِيبَةً فَيَرْجِعَ بِقَدْرِ مَا بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ مِنْ الثَّمَنِ , وَذَلِكَ أَنَّ قِيمَتَهَا سَلِيمَةً عَشَرَةُ دَنَانِيرَ وَتَكُونُ قِيمَتُهَا بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ ثَمَانِيَةَ دَنَانِيرَ فَيُعْلَمُ أَنَّ قِيمَةَ الْعَيْبِ خُمُسُ الْقِيمَةِ الَّتِي قُوِّمَ بِهَا صَحِيحًا فَيَرْجِعُ عَلَيْهِ بِخُمُسِ الثَّمَنِ الَّذِي اشْتَرَاهُ بِهِ , وَإِنْ أَرَادَ الرَّدَّ فَأَيُّ الْقِيمَتَيْنِ الْمُتَقَدِّمَتَيْنِ لَا بُدَّ مِنْهُمَا , فَإِذَا تَقَدَّمَتْ جُعِلَتْ قِيمَةُ السِّلْعَةِ بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ أَصْلًا , ثُمَّ يُقَوِّمُهَا قِيمَةً ثَالِثَةً بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ وَالْحَدِيثِ فَيَرُدُّ مِنْ ثَمَنِ الْمَبِيعِ الْمَعِيبِ بِقَدْرِ ذَلِكَ , وَذَلِكَ أَنْ يُقَالَ فِي مَسْأَلَتِنَا أَنَّ قِيمَتَهُ بِالْعَيْبَيْنِ سِتَّةُ دَنَانِيرَ فَيُعْلَمُ أَنَّ الْعَيْبَ الْحَادِثَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي يُنْقِصُ مِنْ قِيمَةِ الْمَبِيعِ بِعَيْنِهِ الرُّبْعَ وَمِثْلُ ذَلِكَ يَجِبُ أَنْ يَرْجِعَ مِنْ ثَمَنِهِ , فَإِنْ كَانَ اشْتَرَى الْمَبِيعَ بِخَمْسَةَ عَشَرَ دِينَارًا فَأَرَادَ إمْسَاكَهُ أَخَذَ مِنْ الْبَائِعِ خُمُسَ الثَّمَنِ الَّذِي هُوَ خَمْسَةَ عَشَرَ دِينَارًا , وَذَلِكَ ثَلَاثَةُ دَنَانِيرَ وَعَلِمْنَا أَنَّ الْبَاقِيَ وَذَلِكَ اثْنَا عَشَرَ دِينَارًا وَهِيَ أَرْبَعَةُ أَخْمَاسِ الثَّمَنِ هُوَ ثَمَنُ الْمَبِيعِ مَعِيبًا بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَرُدَّ قِيمَةَ الْعَيْبِ الْحَادِثِ عِنْدَهُ فَقُدِّرَ لَنَا أَنَّهُ رُبْعُ قِيمَةِ الْعَبْدِ مَعِيبًا رَدَّ مَعَ الْعَبْدِ رُبْعَ ثَمَنِهِ بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ , وَذَلِكَ ثَلَاثَةُ دَنَانِيرَ ; لِأَنَّ الْعَيْبَ الَّذِي حَدَثَ عِنْدَهُ إنَّمَا كَانَ مَعِيبًا بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ فَيَلْزَمُهُ أَنْ يَرُدَّ قِيمَةَ مَا تَلِفَ مِنْ الْمَبِيعِ مَعِيبًا بِالْعَيْبِ , وَهَذَا مَعْنَى مَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا .

( فَصْلٌ ) : وَإِنَّمَا تَكُونُ قِيمَةُ الْجَارِيَتَيْنِ عَلَيْهِ يَوْمَ قَبَضَهُمَا يُرِيدُ يَوْمَ خُرُوجِ الْجَارِيَةِ الْمُفْرَدَةِ , وَإِنْ كَانَتْ السَّالِمَةُ هِيَ الرَّائِعَةَ مِنْ عُهْدَةِ الْمُوَاضَعَةِ ; لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَصِحُّ قَبْضُهُ لِلْجَارِيَتَيْنِ إنْ لَمْ يَثْبُتْ فِيهَا حُكْمُ الْمُوَاضَعَةِ , وَإِنْ ثَبَتَ فِيهَا حُكْمُ الْمُوَاضَعَةِ فَمَتَى يَخْرُجَانِ مِنْهَا , وَإِنَّمَا قَالَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ يَوْمَ الْقَبْضِ بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ قَبْلَهُ فِي مَسْأَلَةِ الْعَبْدِ وَالْوَلِيدَةِ مِنْ التَّقْوِيمِ يَوْمَ الْبَيْعِ ; لِأَنَّهُ يُنَافِي مَسْأَلَةَ الْعَبْدِ وَالْوَلِيدَةِ , عَلَى أَنَّهُ لَيْسَتْ فِيهِمَا مُوَاضَعَةٌ وَالْكَلَامُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى رَقِيقٍ فِيهِمْ الْمُوَاضَعَةُ أَوْ عُهْدَةُ الثَّلَاثِ فَإِنَّمَا تَلْزَمُهُ الْقِيمَةُ بَعْدَ ذَلِكَ وَنَحْنُ نَحْتَاجُ أَنْ نُبَيِّنَ حُكْمَ الْمُوَاضَعَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا وَفِيهَا سِتَّةُ أَبْوَابٍ الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي تَبْيِينِ مَعْنَى الْمُوَاضَعَةِ وَلُزُومِهَا وَالْبَابُ الثَّانِي فِي مَحَلِّهَا مِنْ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ وَالْبَابُ الثَّالِثُ فِي مَحَلِّ الْمُوَاضَعَةِ مِنْ الْعُقُودِ وَالْبَابُ الرَّابِعُ فِي مَحَلِّ الْمُوَاضَعَةِ مِنْ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ وَالْبَابُ الْخَامِسُ فِي تَبْيِينِ حُكْمِ الْحَوَادِثِ وَالْبَابُ السَّادِسُ فِي بَيَانِ مَا تَخْرُجُ بِهِ الْمُوَاضَعَةُ . ( الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي بَيَانِ مَعْنَى الْمُوَاضَعَةِ وَلُزُومِهَا ) قَالَ أَحْمَدُ بْنُ الْمُعَذَّلِ فِي الْمَبْسُوطِ الْمُوَاضَعَةُ أَنْ تُوضَعَ الْجَارِيَةُ إذَا بِيعَتْ عَلَى يَدِ امْرَأَةٍ مُعَدَّلَةٍ حَتَّى تَحِيضَ حَيْضَةً , فَإِنْ هِيَ حَاضَتْ كَمُلَ الْبَيْعُ , وَإِنْ لَمْ تَحِضْ وَظَهَرَ بِهَا حَمْلٌ فُسِخَ الْبَيْعُ . ( مَسْأَلَةٌ ) : وَحُكْمُ الْمُوَاضَعَةِ ثَابِتٌ فِي الرَّقِيقِ فِي كُلِّ بَنْدٍ قَالَ أَشْهَبُ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَالْوَاضِحَةِ أَرَى أَنْ يُحْمَلَ النَّاسُ عَلَى الْمُوَاضَعَةِ قَالَ ابْنُ عَبْدُوسٍ لِمَا يُتَّقَى فِيهَا مِنْ الْحَمْلِ

( الْبَابُ الثَّانِي فِي تَبْيِينِ مَحَلِّهَا مِنْ الْعَاقِدَيْنِ ) وَذَلِكَ أَنَّ الْبَائِعَ لِلْجَارِيَةِ سَوَاءٌ كَانَ مَالِكَهَا أَوْ غَيْرَهُ مِنْ سُلْطَانٍ أَوْ وَكِيلٍ أَوْ وَصِيٍّ لَا بُدَّ مِنْ الْمُوَاضَعَةِ لِمَا ذَكَرْنَاهُ . ( مَسْأَلَةٌ ) : وَمَنْ بَاعَ شِقْصَ جَارِيَةٍ فَفِي الْمَبْسُوطِ عَنْ مَالِكٍ عَلَيْهِ الْمُوَاضَعَةُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَكَذَلِكَ لَوْ أَقَالَ مِنْهُ وَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ تَسْلِيمُ ذَلِكَ الْجُزْءِ الَّذِي بَاعَهُ سَالِمًا مِنْ الْحَمْلِ . ( مَسْأَلَةٌ ) : وَالْمُسَافِرُ الْحَاجُّ وَغَيْرُهُ إذَا بَاعَ الْجَارِيَةَ فَعَلَيْهِ الْمُوَاضَعَةُ رَوَاهُ ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ مَالِكٍ قَالَ وَكَذَلِكَ أَهْلُ مِنًى قَالَ وَكَذَلِكَ الْمُجْتَازُ وَالْمَرْأَةُ , وَوَجْهُ ذَلِكَ مَا قَدَّمْنَاهُ . ( مَسْأَلَةٌ ) : وَإِذَا كَانَ الْبَائِعُ قَدْ غَابَ عَنْ الْأَمَةِ وَهُوَ مِمَّنْ يَطَأُ مِثْلُهُ فَلَا خِلَافَ عَلَى الْمَذْهَبِ فِي وُجُوبِ الْمُوَاضَعَةِ , فَإِنْ كَانَ لَمْ يَغِبْ عَلَى الْأَمَةِ وَفِي حُكْمِ مَنْ لَمْ يَغِبْ عَلَيْهَا مِثْلُ أَنْ يُقِيلَ مِنْ جَارِيَةٍ أَوْ مِنْ عَلَى مُوَاضَعَتِهَا أَوْ وَضَعَتْ عَلَى يَدَيْ غَيْرِهِ , فَإِنْ أَقَالَ مِنْهَا أَوْ وَلَّاهَا قَبْلَ أَنْ يَغِيبَ عَلَيْهَا أَوْ قَبْلَ أَنْ تَنْقَضِيَ مُوَاضَعَتُهَا فَلَا مُوَاضَعَةَ فِيهَا ; لِأَنَّ الْبَائِعَ فِي مِثْلِ هَذَا كَانَ ضَامِنًا لَهَا وَمَتَى رَجَعَتْ إلَيْهِ فِي مُدَّةِ ضَمَانِهِ لَهَا فَلَا مُوَاضَعَةَ عَلَى الْمُشْتَرِي فِيهَا وَكَذَلِكَ لَوْ بَاعَهَا الْمُشْتَرِي مِنْ بَائِعِهَا أَوْ مِنْ غَيْرِهِ بِرِبْحٍ فَلَا مُوَاضَعَةَ عَلَيْهِ وَلَا اسْتِبْرَاءَ عَلَى الْمُشْتَرِي ; لِأَنَّهَا عَلَى يَدَيْ عَدْلٍ تُعْلَمُ بِهِ بَرَاءَتُهَا وَلَمْ يَغِبْ عَلَيْهَا بَعْدَ الْبَرَاءَةِ مَنْ لَمْ يُؤْمَنْ عَلَيْهَا وَكَذَلِكَ مَنْ بَاعَ جَارِيَةً مِمَّنْ هِيَ عَلَى يَدِهِ وَدِيعَةٌ بَعْدَ أَنْ حَاضَتْ عِنْدَ الْمُودَعِ عِنْدَهُ . ( مَسْأَلَةٌ ) : فَإِنْ غَابَ عَلَيْهَا غَيْرُ مَنْ وَضَعَتْ عِنْدَهُ لِلِاسْتِبْرَاءِ وَكَانَ الْبَائِعُ لَهَا مِمَّنْ لَا يَطَأُ مِثْلُهُ كَالصَّبِيِّ الصَّغِيرِ وَالْمَرْأَةِ فَالظَّاهِرُ مِنْ الْمَذْهَبِ وُجُوبُ الْمُوَاضَعَةِ لَا يَجُوزُ مِنْهَا حَمْلٌ لَا يَلْحَقُ بِزَوْجٍ وَلَا زِنًى ظَاهِرٌ فَلَمْ يَدْخُلْ الْمُبْتَاعُ عَلَيْهِ وَهُوَ مِمَّنْ يُنْقِصُ مُعْظَمَ الثَّمَنِ , وَأَمَّا الزَّانِيَةُ الْمَشْهُورَةُ بِذَلِكَ أَوْ ذَاتُ الزَّوْجِ فَلَا يَنْقُصُ مِنْ ثَمَنِهَا إلَّا الْيَسِيرُ فَلَا مُوَاضَعَةَ فِيهَا .

( الْبَابُ الثَّالِثُ فِي مَحَلِّ الْمُوَاضَعَةِ مِنْ الْعُقُودِ ) حُكْمُ الْمُوَاضَعَةِ ثَابِتٌ فِي الْبَيْعِ بِالنَّقْدِ أَوْ فِي الثَّمَنِ الْمُؤَجَّلِ , وَأَمَّا فِي ابْتِيَاعِ الْأَمَةِ مِنْ دَيْنٍ عَلَى الْأَمَةِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَثْبُتَ فِيهَا حُكْمُ مُوَاضَعَةٍ , وَإِنْ كَانَتْ مِنْ الْإِمَاءِ اللَّاتِي لَا يَجُوزُ بَيْعُهُنَّ إلَّا بِالْمُوَاضَعَةِ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ فِيهَا وَبَطَل الْعَقْدُ لِمَا يَدْخُلُهُ مِنْ فَسْخِ الدَّيْنِ فِي دَيْنٍ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ , وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الْمُبْتَاعَ كَانَ لَهُ عَلَى الْبَائِعِ دَيْنٌ فَنَقَلَهُ فِي جَارِيَةٍ لَمْ يُتَنَجَّزْ نَقْلُ الدَّيْنِ إلَى عَيْنِهَا لِمَا بَقِيَ فِيهَا مِنْ حُكْمِ الْمُوَاضَعَةِ الَّتِي لَا يَكْمُلُ الْبَيْعُ وَتَبْرَأُ بِهِ ذِمَّةُ الْبَائِعِ إلَّا بِكَمَالِهَا , فَلَمْ تَبْرَأْ ذِمَّةُ الْبَائِعِ مِنْ دَيْنٍ وَلَا بَقِيَتْ مَشْغُولَةً بِهِ عَلَى حَسَبِ مَا كَانَتْ قَبْلَ الْبَيْعِ ; لِأَنَّهَا قَبْلَ الْبَيْعِ كَانَتْ مَشْغُولَةً بِدَيْنٍ مَحْضٍ وَحَبْسٍ مَعْلُومٍ وَبَعْدَ الْبَيْعِ صَارَتْ مُتَرَدِّدَةً بَعْدَ الْبَرَاءَةِ مِنْ الدَّيْنِ إنْ سَلِمَتْ الْجَارِيَةُ فِي الْمُوَاضَعَةِ وَالِاشْتِغَالِ بِهِ إنْ لَمْ تَسْلَمْ , وَهَذَا مَعْنَى فَسْخِ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ أَنْ لَا تَبْرَأَ الذِّمَّةُ مِنْ الدَّيْنِ الْأَوَّلِ وَلَا تَبْقَى مَشْغُولَةً بِهِ عَلَى الصِّفَةِ الَّتِي كَانَتْ مَشْغُولَةً بِهِ قَبْلَ الْفَسْخِ وَيَتَخَرَّجُ عَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ جَوَازُ ذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ . ( مَسْأَلَةٌ ) : فَإِنْ كَانَ الْبَيْعُ بَيْعَ بَرَاءَةٍ فَقَدْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ حُكْمُ الْمُوَاضَعَةِ ثَابِتٌ فِيهَا لَا يَسْقُطُ بِالْبَرَاءَةِ قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ , وَقَالَ مَالِكٌ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَلَوْ بِيعَتْ بَيْعَ مِيرَاثٍ فَلَا بُدَّ مِنْ الْمُوَاضَعَةِ , وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ بَاعَهَا سُلْطَانٌ أَوْ غَيْرُهُ , وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الْبَرَاءَةَ مِنْ الْحَمْلِ لَا تَجُوزُ لَا سِيَّمَا مَعَ إقْرَارِ الْبَائِعِ بِالْوَطْءِ وَالْمُوَاضَعَةِ إنَّمَا هِيَ لِمَعْنَى مَا يَحْدُثُ مِنْ الْحَمْلِ فَلَا بُدَّ مِنْ ثُبُوتِهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ .
( الْبَابُ الرَّابِعُ فِي مَحَلِّ الْمُوَاضَعَةِ مِنْ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ ) إنَّ الْمُوَاضَعَةَ ثَابِتَةٌ فِي الرَّائِعَةِ مِنْ الْإِمَاءِ الَّتِي مِثْلُهَا يُوطَأُ وَلَيْسَتْ بِظَاهِرَةِ الْحَمْلِ وَلَا مُعَرَّضَةٍ لِحَمْلٍ يَتْبَعُهَا فِي الْبَيْعِ كَذَاتِ الزَّوْجِ وَالْمُجَاهِرَةِ بِالزِّنَا وَأَخْصَرُ مِنْ هَذِهِ الْعِبَارَةِ أَنَّهَا ثَابِتَةٌ فِي الْجَارِيَةِ الَّتِي يُنْقِصُ الْحَمْلُ مِنْ ثَمَنِهَا الْكَثِيرَ فَإِنَّ الصَّغِيرَةَ لَا يَصِحُّ فِيهَا الْحَمْلُ وَذَاتُ الزَّوْجِ وَالْمَشْهُورَةُ بِالزِّنَا لَا يُنْقِصُ الْحَمْلُ مِنْ ثَمَنِهَا الْكَثِيرَ , وَأَمَّا وَخْشُ الرَّقِيقِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ فِي الْمَبْسُوطِ مِنْ الزِّنْجِ وَمَا أَشْبَهَهُنَّ فَلَا يَلْزَمُ فِيهِنَّ ذَلِكَ وَاحْتَجَّ لِذَلِكَ بِأَنَّ الرَّائِعَةَ يُنْقِصُ الْحَمْلُ مُعْظَمَ ثَمَنِهَا وَالْوَخْشُ لَا يُنْقِصُ ثَمَنَهَا , فَإِنْ نَقَصَ فَيَنْقُصُ مِنْهُ الْيَسِيرُ وَالْغَرَرُ الْكَثِيرُ يُفْسِدُ الْعُقُودَ دُونَ يَسِيرِهِ . ( فَرْعٌ ) قَالَ مَالِكٌ وَمَا كَانَتْ بِثَمَنِ خَمْسِينَ أَوْ سِتِّينَ فَهِيَ مِنْ الْمُرْتَفِعَاتِ , وَهَذَا إنَّمَا هُوَ بِحَسَبِ اخْتِلَافِ الْأَوْقَاتِ , وَإِنَّمَا يُنْظَرُ فِي ذَلِكَ إلَى مَا جَرَتْ الْعَادَةُ أَنْ يُتَّخَذَ مِثْلُهَا لِلْوَطْءِ فَهِيَ الرَّائِعَةُ الَّتِي يَثْبُتُ فِيهَا حُكْمُ الْمُوَاضَعَةِ وَإِذَا كَانَتْ مِمَّنْ لَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ بِاِتِّخَاذِهَا لِذَلِكَ , وَإِنَّمَا تُتَّخَذُ لِلِاسْتِخْدَامِ فَهِيَ مِنْ الْوَخْشِ وَلَا يَثْبُتُ فِيهَا حُكْمُ الْمُوَاضَعَةِ .

( الْبَابُ الْخَامِسُ فِي حُكْمِ الْأَمَةِ فِي مُدَّةِ الْمُوَاضَعَةِ , وَأَنَّ ضَمَانَهَا مِنْ الْبَائِعِ ) وَيَلْزَمُ الْبَائِعَ نَفَقَتُهَا وَجَمِيعُ مُؤْنَتِهَا وَالسُّنَّةُ فِي ذَلِكَ أَنْ تُوضَعَ عَلَى يَدِ امْرَأَةٍ , وَقَالَ أَشْهَبُ فِي كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ تَكُونُ امْرَأَةً عَدْلَةً , وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الْمَرْأَةَ يُقْبَلُ قَوْلُهَا فِي حَيْضَتِهَا وَيُمْكِنُهَا النَّظَرُ إلَيْهَا , وَإِنْ وُضِعَتْ عَلَى يَدِ رَجُلٍ أَجْزَأَ ذَلِكَ إذَا كَانَ لَهُ عِيَالٌ يَنْظُرُونَ إلَيْهَا . ( مَسْأَلَةٌ ) : وَمَا لَحِقَ الْأَمَةَ فِي مُدَّةِ الْمُوَاضَعَةِ مِنْ مَوْتٍ أَوْ نَقْصِ جِسْمٍ فَهُوَ مِنْ الْبَائِعِ وَلِلْمُبْتَاعِ فِي الْمَوْتِ إمْسَاكُ الثَّمَنِ وَارْتِجَاعُهُ إنْ كَانَ أَخْرَجَهُ مِنْ يَدِهِ وَفِي النَّقْصِ خِيَارُ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ أَوْ الْإِمْسَاكِ , وَأَمَّا مَا كَانَ مِنْ غَيْرِ جَسَدِهَا كَالزِّنَا وَالسَّرِقَةِ فَجُمْهُورُ أَصْحَابِنَا عَلَى أَنَّ لَهُ الرَّدَّ بِذَلِكَ وَحَكَى ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ أَصْبَغَ لَا يَرُدُّهَا بِهِ وَجْهُ قَوْلِ الْجُمْهُورِ أَنَّ هَذَا لَوْ كَانَ أَقْدَمَ مِنْ أَمَدِ التَّبَايُعِ لَرُدَّ بِهِ فَإِذَا حَدَثَ فِي مُدَّةِ الْمُوَاضَعَةِ كَانَ لَهُ الرَّدُّ بِهِ كَنَقْصِ الْجِسْمِ , وَوَجْهُ قَوْلِ أَصْبَغَ أَنَّ مِثْلَ هَذَا يَمْنَعُ الْبَائِعَ بَيْعَهَا ; لِأَنَّهَا مَتَى أَرَادَتْ الْبَقَاءَ عِنْدَهُ أَحْدَثَتْ مِثْلَ هَذَا فِي مُدَّةِ الْمُوَاضَعَةِ فَتُرَدُّ عَلَيْهِ وَمَا كَانَ بِهَذِهِ الصِّفَةِ وَجَبَ أَنْ يُمْنَعَ مِنْهُ . ( مَسْأَلَةٌ ) : وَمَا حَدَثَ لَهَا مِنْ مَالٍ بِهِبَةٍ أَوْ وَصِيَّةٍ أَوْ عَطِيَّةٍ فَهُوَ لِلْبَائِعِ إنْ كَانَ لَمْ يَسْتَثْنِ مِنْهُ مَالَهَا ; لِأَنَّ كُلَّ مَنْ لَزِمَهُ ضَمَانُهُ كَانَ لَهَا مَا ثَبَتَ مِنْ مَالٍ , وَأَمَّا مَا حَدَثَ لَهَا مِنْ وَلَدٍ فَقَدْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ هُوَ لِلْمُبْتَاعِ , وَقَالَ أَشْهَبُ هُوَ لِلْبَائِعِ وَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ نَمَاءٌ مِنْ جِنْسِ الْمَبِيعِ فَأَشْبَهَ الثَّمَنَ , وَوَجْهُ قَوْلِ أَشْهَبَ أَنَّهُ نَمَاءٌ مُنْفَصِلٌ فِي مُدَّةِ الْمُوَاضَعَةِ فَكَانَ لِلْبَائِعِ كَنَمَاءِ الْمَالِ .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almobine.yoo7.com
 
شرح الموطاء كتاب البيوع الجزء3
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» شرح الموطاء كتاب البيوع
» شرح الموطاء كتاب البيوع الجزء4
» شرح الموطاء كتاب البيوع الجزء5
» شرح الموطاء كتاب البيوع الجزء6
» شرح الموطاء كتاب البيوع الجزء7

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
المبين :: الفئة الأولى :: المنتدى الأول-
انتقل الى: