المبين
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


يتناول مواضيع دينبة
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 تفسير سورة ق الجزء 3

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
Admin



المساهمات : 629
تاريخ التسجيل : 03/03/2013

تفسير  سورة  ق  الجزء  3 Empty
مُساهمةموضوع: تفسير سورة ق الجزء 3   تفسير  سورة  ق  الجزء  3 Icon_minitimeالخميس سبتمبر 05, 2013 10:41 am

تفسير سورة ق الجزء 3

( وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ (16) إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ (17) مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ (18) وَجَاءتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنتَ مِنْهُ تَحِيدُ (19) وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ (20) وَجَاءتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ (21) لَقَدْ كُنتَ فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَاءكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ (22) .
-----------------------------------
( وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ ) يخبر تعالى عن قدرته على الإنسان بأنه خالقه وعلمه محيط بجميع أموره، حتى إنه تعالى يعلم ما توسوس به نفوس بني آدم من الخير والشر .

وإذا كان الله يعلم ذلك فإنه ينبغي علينا ألا نحدّث أنفسنا بما يكرهه الله ويبغضه .( وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ ) يعني ملائكته تعالى أقرب إلى الإنسان من حبل وريده إليه، فالمراد بقوله ( ونحن أقرب إليه ) الملائكة ، كقوله تعالى ( ونحن أقرب إليه منكم ولكن لا تبصرن ) أي ملائكته ، وقوله تعالى ( إنا نحن نزلنا الذكر .. ) والملائكة نزلت بالذكر وهو القرآن بإذن الله، حبل الوريد هو الأوداج، وهما العرقان العظيمان المحيطان بالحلقوم، ( إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ ) يعني الملكين اللذين يكتبان عمل الإنسان، عَنِ الْيَمِينِ) يكتب الحسنات، ( و َ) الآخر، ( عَنِ الشِّمَالِ ) يكتب السيئات، ( قَعِيدٌ ) مترصد متهيئ لعمله الذي أعد له ملازم لذلك، ( مَا يَلْفِظُ ) أي ابن آدم، ( مِن قَوْلٍ ) من خير أو شر، ( إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ) إلا ولها من يرقبها معد لذلك ، يكتبها لا يترك كلمة ولا حركة ، وقد ذهب كثير من العلماء إلى أن الملكان يكتبان كل شيء من الكلام ، وهذا ظاهر الآية وهو الصحيح ، وذهب بعضهم إلى أنه إنما يكتبان ما فيه ثواب أو عقاب، ( وَجَاءتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ) يقول عز وجل : وجاءت أيها الإنسان سكرة الموت بالحق ، أي كشف لك عن اليقين الذي كنت تمتري فيه ، ( ذَلِكَ مَا كُنتَ مِنْهُ تَحِيدُ ) أي هذا هو الذي كنت تفر منه قد جاءك ، فلا محيد ولا مناص ولا فكاك ولا خلاص، واختلف من المخاطب بالآية، فقيل الكافر، وقيل المخاطب الإنسان من حيث هو ورجحه ابن كثير، ( وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ) أي ونفخ إسرافيل النفخة الثانية لقيام الناس من قبورهم، والمراد بالنفخة هذه النفخة الثانية وهي نفخة البعث، بدليل قوله تعالى ( ذلك يوم الوعيد ) ، ( ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ ) أي ذلك اليوم الذي وعد الله الكفار به بالعذاب ، ( وَجَاءتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ ) أي ملَك يسوقه إلى المحشر ، وملك يشهد عليه بأعماله ، قال ابن كثير : وهذا هو الظاهر من الآية الكريمة ، وهو اختيار ابن جرير، ( لَقَدْ كُنتَ فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَذَا) أي لقد كنت أيها الإنسان في غفلةٍ من هذا اليوم العصيب.

وقد اختلف في المراد بهذا الخطاب ، فقيل المراد بذلك الكافر ، وقيل المراد بذلك كل أحد من بَر وفاجر، وهذا اختيار ابن جرير، وقيل : المراد بذلك النبي  ، والراجح ما رجحه ابن جرير (فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَاءكَ) أي فأزلنا الحجاب الذي كان على قلبك وسمك وبصرك في الدنيا، ( فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ ) أي قوي ، لأن كل أحد يوم القيامة يكون مستبصراً حتى الكفار في الدنيا ، يكونون يوم القيامة على الاستقامة ، لكن لا ينفعهم ذلك، قال تعالى (أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ يَوْمَ يَأْتُونَنَا )، وقال تعالى (وَلَوْ تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُو رُؤُوسِهِمْ عِندَ رَبِّهِمْ رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحاً إِنَّا مُوقِنُونَ ).

الفوائد :
1- عموم علم الله تبارك وتعالى بالإنسان ، حتى إنه سبحانه يعلم ما توسوس به نفسه .
2- وجوب الحذر من أن يكتم الإنسان شيئاً يكرهه الله .
3- إثبات الملائكة عن يمين الإنسان وشماله .
4- وجوب الحذر من القول أو العمل السيء ، لأن هناك ملائكة يكتبون على الإنسان .
5- وجوب حفظ اللسان من الكلام المحرم ، فإن كل كلمة ينطق بها الإنسان تكتب عليه .
قال  ( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت ) متفق عليه .
وقال  ( من صمت نجا ) رواه الترمذي .
وقال  ( المسلم من سلم المسلون من لسانه ويده ) متفق عليه .
وقال  ( من يضمن لي ما بين لحييه وما بين رجليه أضمن له الجنة ) متفق عليه .
قال سعيد بن عبد العزيز لا خير في الحياة إلا لأحد رجلين صموت واعٍ ، وناطق عارف، وقال عمرو بن العاص الكلام كالدواء، إن أقللتَ منه نفع، وإن أكثرت منه قتل، وقال لقمان لابنه يا بني! إذا افتخر الناس بحسن كلامهم، فافتخر أنت بحسن صمتك، وقال الحسن اللسان أمير البدن، فإذا جنا على الأعضاء شيئاً جنت، وإذا عفا عفت

قال الشاعر :
احفظ لسانك أيها الإنسانُ لا يلدغنك إنه ثعبانُ
كم في المقابرِ من قتيلِ لسانه كانت تهابُه الشجعانُ
6- وجوب الاستعداد للموت قبل قدومه فجأة .
7- إثبات النفخ في الصور .والنفخ في الصور ثابت بالكتاب والسنة والإجماع .
من الكتاب قوله تعالى : (وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا هُمْ مِنَ الْأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ) .
وقال تعالى : (وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ) .
وقال تعالى : ( وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَجَمَعْنَاهُمْ جَمْعاً) .
وقال تعالى : (وَمَا يَنْظُرُ هَؤُلاءِ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً مَا لَهَا مِنْ فَوَاقٍ ) .

ومن السنة :
عن عبد الله بن عمرو قال : جاء أعرابي إلى النبي  فقال : ما الصور ؟ قال : ( قرن ينفخ فيه ) .
وعن عبد الله بن عمرو قال : قال رسول الله  Sad ثم ينفخ في الصور فلا يسمعه أحد إلا أصغى ليتاً ورفع ليتاً ، ثم لا يبقى أحد إلا صعق ... ثم ينفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون ) .
وأجمع المسلمون على ثبوته .
• النافخ في الصور هو إسرافيل أجمع العلماء أن الذي موكل بنفخ الصور هو إسرافيل .
• عدد النفخات : اختلف العلماء في عدد النفخات على قولين :

القول الأول : أنها نفختان : نفخة الصعق ونفخة البعث . ويدل لهذا قوله تعالى : (وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ)، وقال تعالى (مَا يَنْظُرُونَ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً تَأْخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ فَلا يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً وَلا إِلَى أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا هُمْ مِنَ الْأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ)، فقوله تعالى (مَا يَنْظُرُونَ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً تَأْخُذُهُمْ) .

هذه النفخة الأولى .وقوله تعالى : (وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا هُمْ مِنَ الْأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ)
هذه هي النفخة الثانية .وعن أبي هريرة أن النبي  قال: ( ما بين النفختين أربعون ) قالوا يا أبا هريرة أربعون يوماً ؟ قال أبيت قالوا أربعون شهراً ؟ قال : أبيت . قالوا : أربعون سنة : قال أبيت ) . متفق عليه

القول الثاني: أنها ثلاث نفخات نفخة الفزع، ونفخة الصعق، ونفخة البعث، واحتجوا في قوله تعالى : (وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ).

هذه نفخة الفزع .وقوله تعالى (وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ )
هذه نفخة الصعق .وقوله تعالى : (فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ) هذه نفخة البعث قالوا إن الفزع مغاير للصعق

صاحب الصور مستعد للنفخ .
عن أبي سعيد قال : قال رسول الله  ( كيف أنعم، وقد التقم صاحب القرنِ القرنَ ، وحنى جبهته وأصغى سمعه ، ينتظر أن يؤمر أن ينفخ ، فينفخ ) رواه الترمذي .
8- أن يوم القيامة يوم وعيد شديد على الكفار .
9- أن الإنسان يوم القيامة يعرف حقيقة الأمر، ويعرف أنه كان مكابراً معانداً ، لكنه لا ينفعه ذلك.
كما قال تعالى (فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ فَلَمْ يَكُ يَنفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا سُنَّتَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْكَافِرُونَ ) .
( وَقَالَ قَرِينُهُ هَذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ (23) أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ (24) مَّنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ مُعْتَدٍ مُّرِيبٍ (25) الَّذِي جَعَلَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ فَأَلْقِيَاهُ فِي الْعَذَابِ الشَّدِيدِ (26) قَالَ قَرِينُهُ رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ وَلَكِن كَانَ فِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ (27) قَالَ لَا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُم بِالْوَعِيدِ (28) مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ ) .
-----------------------------------
(وَقَالَ قَرِينُهُ) يقول تعالى مخبراً عن الملك الموكل بعمل ابن آدم أنه يشهد عليه يوم القيامة ويقول: (هَذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ) أي قد أحضرت ما جعلت عليه، من حفظه وحفظ عمله ، فيجازى بعمله .

قال ابن القيم : والآية تتضمن الأمرين : أي هذا الشخص الذي وكلتُ به ، وهذا عمله الذي أحصيته عليه، فحينئذٍ يقال للملكين السائق والشهيد ( ألقيا في جهنم ) أي اقذفا في جهنم ، ثم ذكر صفات الملقي : ( كُلَّ كَفَّارٍ ) أي كثير الكفر والتكذيب بالحق

قال ابن القيم : إنه كفار لنعم الله وحقوقه ، كفار بدينه وتوحيده وأسمائه وصفاته ، كفار برسله وملائكته ، كفار بكتبه ولقائه، ( عَنِيدٍ ) معاند للحق ، معارض له بالباطل مع علمه بذلك ، ( مناع للخير ) أي لا يؤدي ما عليه من الحقوق ولا برٌ فيه ولا صلة ولا صدقة .
قال ابن القيم : مناع للخير وهذا يعم منعه للخير الذي هو إحسان إلى نفسه من الطاعات، والقرب إلى الله، والخير الذي هو إحسان إلى الناس ، فليس فيه خير لنفسه ولا لبني جنسه كما هو حال أكثر الخلق، ( مُعْتَدٍ ) أي مع منعه للخير، معتدٍ على الناس، ظلوم غشوم، معتد عليهم بيده ولسانه، ( مُّرِيبٍ ) أي شاك في أمره، مريب لمن نظر في أمره، ( الَّذِي جَعَلَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ ) أي أشرك بالله ، فعبد معه غيره، يعبده ويحبه ويغضب له ويرضى له، ( فَأَلْقِيَاهُ فِي الْعَذَابِ الشَّدِيدِ ) أي فألقياه في نار جهنم، وكرر اللفظ [ فألقياه ] للتوكيد، ( قَالَ قَرِينُهُ) وهو شيطانه الذي وكل به، ( رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ ) أي لم يكن لي قوة أن أضلّه وأطغيه ، فيتبرأ منه شيطانه، ( ولَكِن كَانَ فِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ ) أي بل كان هو في نفسه ضالاً قابلاً للباطل معانداً للحق، كما قال تعالى (وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الأَمْرُ إِنَّ اللّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ إِلاَّ أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلاَ تَلُومُونِي وَلُومُواْ أَنفُسَكُم مَّا أَنَاْ بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيم ).

وقيل قرينه هو الملك فيدّعي عليه أنه زاد عليه فيما كتبه عليه وطغى، وأنه لم يفعل ذلك، وأنه أعجله بالكتابة عن التوبة ولم يمهله حتى يتوب، فيقول الملك : ما زدت في الكتابة على ما عمل ولا أعجلته عن التوبة ولكن كان في ضلال بعيد ، ( قَالَ ) الله تبارك وتعالى للإنسي وقرينه الجني، ( لَا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ ) أي عندي، ( وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُم بِالْوَعِيدِ ) أي وقد أعذرت إليكم على ألسنة الرسل، وأنزلت الكتب، وقامت عليكم الحجج والبينات والبراهين، ( مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ ) قال مجاهد : يعني قد قضيت ما أنا قاض، ( وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ ) أي لست أعذب أحداً بذنب أحد ، ولكن لا أعذب أحداً إلا بذنبه بعد قيام الحجة عليه.

الفوائد :
1- أن كل عمل ابن آدم يحصى عليه ويكتب .
2- وجوب الحذر من القول أو الفعل السيء .
3- إثبات اسم جهنم اسم من أسماء النار .
4- في الآيات صفات أهل النار ، فيجب معرفتها والحذر منها وتجنبها .
5- تحريم اتخاذ آلهة أخرى مع الله تعالى ، وأن من فعل ذلك فهو كافر مصيره جهنم .
قال تعالى (وَقَالَ اللّهُ لاَ تَتَّخِذُواْ إِلـهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّمَا هُوَ إِلهٌ وَاحِدٌ فَإيَّايَ فَارْهَبُونِ )، وقال تعالى (وَلَا تَجْعَلُوا مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ إِنِّي لَكُم مِّنْهُ نَذِيرٌ مُّبِينٌ )، وقال تعالى (الَّذِي جَعَلَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ فَأَلْقِيَاهُ فِي الْعَذَابِ الشَّدِيدِ )، وقال تعالى (لاَّ تَجْعَل مَعَ اللّهِ إِلَـهاً آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُوماً مَّخْذُولاً )، وقال تعالى (وَلاَ تَجْعَلْ مَعَ اللّهِ إِلَهاً آخَرَ فَتُلْقَى فِي جَهَنَّمَ مَلُوماً مَّدْحُوراً )، وبيّن تعالى استحالة تعدد الآلهة عقلاً، فقال تعالى (لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا )، وقال تعالى (مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِن وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذاً لَّذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ )

6- أن الشيطان يتبرأ ممن عبده وأطاعه .
7- أن الله قد أنذر المكذبين بإرسال الرسل وإنزال الكتب .
8- أن الله منزه عن الظلم .

( يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِن مَّزِيدٍ (30) وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ (31) هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ (32) مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَن بِالْغَيْبِ وَجَاء بِقَلْبٍ مُّنِيبٍ (33) ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ (34) لَهُم مَّا يَشَاؤُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ )
----------------------------
( يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ ) يخبر تعالى أنه يقول لجهنم يوم القيامة، هل امتلأت ؟ وذلك لأنه تبارك وتعالى وعدها أنه سيملؤها من الجِنة والناس أجمعين، فهو سبحانه يأمر بمن يأمر به إليها ويلقى وهي تقول، ( وَتَقُولُ هَلْ مِن مَّزِيدٍ ) أي هل بقي شيء تزيدوني ؟
عن أنس . قال : قال النبي  ( لا تزال جهنم يلقى فيها وتقول هل من مزيد ؟ حتى يضع رب العزة قدمه فيها فينزوي بعضها إلى بعض وتقول قط قط وعزتك وكرمك ) متفق عليه .

( وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ ) أي أدنيت وقربت الجنة، ( لِلْمُتَّقِينَ ) الذين اتقوا الله باتباع أوامره واجتناب نواهيه، ( غَيْرَ بَعِيدٍ ) وذلك يوم القيامة، ولبس ببعيد لأنه واقع لا محالة، وكل ما هو آت قريب، ( هَذَا مَا تُوعَدُونَ ) أي هذا الذي ترونه من النعيم هو ما وعده الله للمتقين ، ثم ذكر صفات هؤلاء المتقين ، ( لِكُلِّ أَوَّابٍ ) أي رجاع تائب مقلع، يرجع إلى الله من معصيته إلى طاعته، ومن الغفلة عنه إلى ذكر، ( حَفِيظٍ ) قال ابن عباس لما ائتمنه الله عليه وافترضه، وقال قتادة : حافظ لما استودعه الله من حقه ونعمته .

قال ابن القيم : ولما كانت النفس لها قوتان : قوة الطلب وقوة الإمساك، كان الأواب مستعملاً لقوة الطلب في رجوعه إلى الله ومرضاته وطاعته، والحفيظ مستعملاً لقوة الحفظ في الإمساك عن معاصيه ونواهيه، فالحفيظ : الممسك عما حُرّم عليه، والأواب المقبل على الله بطاعته، ( مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَن بِالْغَيْبِ ) أي من خاف الله في سره حيث لا يراه أحد إلا الله، كقوله  ( ورجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه ) .

( وَجَاء بِقَلْبٍ مُّنِيبٍ ) أي ولقي الله يوم القيامة بقلب منيب سليم خاضع لديه، ثم ذكر الله تعالى جزاء من قامت به هذه الأوصاف بقوله Sad ادْخُلُوهَا ) أي الجنة، ( بِسَلَامٍ ) قال قتادة : سلموا من عذاب الله، (ذَلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ) أي يخلدون في الجنة فلا يموتون أبداً، ولا يظعنون أبداً ولا يبغون عنها حِولاً، ( لَهُم مَّا يَشَاؤُونَ فِيهَا ) أي مهما اختاروا ووجدوا من أي أصناف الملاذ طلبوا أحْضِر لهم، ( وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ ) فسره بعض العلماء برؤية الله تعالى ، وهي من أعظم نعيم الجنة.

الفوائد :
1- أن جهنم لا تمتلئ حتى يضع الجبار سبحانه قدمه عليها .
2- التحذير من النار .
قال تعالى ( فاتقوا النار ) .
وقال  ( اتقوا النار ) متفق عليه .
3- فضل التقوى وأهلها ، وأن الجنة تقرب لهم .

وللتقوى فضائل كثيرة منها :
أولاً : أنها سبب لتيسير الأمور، قال تعالى :  ومن يتق الله يجعل له من أمره يسراً .
ثانياً : أنها سبب لإكرام الله ، قال تعالى :  إن أكرمكم عند الله أتقاكــم  .
ثالثاً : العاقبة لأهل التقوى .قال تعالى :  والعاقبة للمتقين  .
رابعاً: أنها سبب في دخول الجنة .قال تعالى:  وأزلفت الجنة للمتقين 
خامساً : أنها سبب لتكفير السيئات قال تعالى :  ومن يتق الله يكفر عنه سيئاته ويعظم له أجراً  .

سادساً : أنها سبب لحصول البشرى لهم .قال تعالى :  الذين آمنوا وكانوا يتقون لهم البشرى في الحياة الدنيا  .
سابعاً : أنها سبب للفوز والهداية .قال تعالى :  ومن يطع الله ورسوله ويخش الله ويتقه فأولئك هم الفائزون  .
ثامناً : أنها سبب للنجاة يوم القيامة .قال تعالى :  ثم ننجي الذين اتقوا ونذر الظالمين فيها جثياً  .
تاسعاً : أنها سبب لتفتيح البركات من السماء والأرض .قال تعالى :  ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض  .
عاشراً : أنها سبب للخروج من المأزق .قال تعالى :  ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقــه من حيث لا يحتسب  .
الحادي عشر : أنها سبب لمحبة الله .قال تعالى:  إن الله يحب المتقين  في الآيات صفات أهل الجنة ، فينبغي معرفتها والاجتهاد في تطبيقها والعمل بها .
4- أن الجنة دار السلام من كل آفة وبلية ومكروه .
كما قال تعالى (لَهُمْ دَارُ السَّلاَمِ عِندَ رَبِّهِمْ وَهُوَ وَلِيُّهُمْ بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ )
وقال تعالى (وَاللّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلاَمِ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ) .
5- إثبات رؤية المؤمنين ربهم تبارك وتعالى في الجنة .
وعقيدة أهل السنة والجماعة : هو الاعتقاد الجازم بأن المؤمنين يرون ربهم عياناً بأبصارهم في عرصة القيامة وفي الجنة ، ويكلمهم ويكلمونه . وقد تواترت الأدلة على ذلك :
قال تعالى : ( وجوه يومئذ ناضرة . إلى ربها ناظرة ) . ( ناضرة ) أي حسنة ، من النضارة . ( ناظرة ) من النظر .
قال شارح الطحاوية : وهي من أظهر الأدلة ، وقال تعالى : ( كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون )
قال شارح الطحاوية : احتج الشافعي وغيره من الأئمة رحمهم الله تعالى بهذه الآية على الرؤية لأهل الجنة، وسئل مالك عن هذه الآية فقال: لما حجب أعداؤه فلم يروه تجلى لأوليائه حتى يروه.
• في الآية : أن أعظم عذاب الكفار هو الحجاب عن ربهم .
• أعظم نعيم الجنة هو رؤية الله عز وجل .وقال تعالى : ( للذين أحسنوا الحسنى وزيادة ) .
فالحسنى : الجنة ، والزيادة : هي النظر إلى وجهه الكريم فسرها بذلك رسول الله  كما روى مسلم في صحيحه :
عن صهيب عن النبي  قال : ( إذا دخل أهل الجنة الجنة يقول الله تبارك وتعالى : تريدون شيئاً أزيدكم ؟ فيقولون : ألم تبيض وجوهنا ، وتجنبنا النار ، قال : فيكشف الحجاب ، فما أعطوا شيئاً أحب إليهم من النظر إلى ربهم ، ثم تلا هذه الآية : للذين أحسنوا الحسنى وزيادة ) .
وعن جرير بن عبد الله قال : كنا جلوساً مع النبي  إذ نظر إلى القمر ليلة البدر فقال : ( إنكم سترون ربكم عياناً كما ترون هذا القمر لا تضـامون في رؤيته ، فإن استـطعتم ألا تغـلبوا على صـلاة قبل طـلوع الشمس وقبل غروبها فافعلوا ) متفق عليه ، يعني العصر والفجر . ( لا تضامون ) أي لا يلحقكم ضيم ولا مشقة في رؤيته .

معنى [ كما ترون هذا القمر ] يعني يراه المؤمنون في الجنة كما يرون هذا القمر ، فليس المعنى أن الله مثل القمر ، لأن الله ليس كمثله شيء ، بل هو أعظم وأجل ، لكن المراد من المعنى تشبيه الرؤية بالرؤية ، فكما أننا نرى القمر ليلة البدر رؤية حقيقية ليس فيه اشتباه ، فإننا سنرى ربنا عز وجل كما نرى هذا القمر رؤية حقيقية بالعين دون اشتباه .
وعن أبي هريرة  : أن أناساً قالوا : يا رسول الله ، هل نرى ربنا يوم القيامة ؟ فقال النبي  : ( هل تضارون في رؤية القمر ليلة البدر ؟ ) قالوا : لا يا رسـول الله . قال : ( هل تضارون في رؤية الشمس ليس دونها سحاب ؟ ) قالوا : لا . قال : ( فإنكم ترونه كذلك ) . متفق عليه .
وعن أبي موسى . قال : قال رسول الله  ( جنتان من فضة آنيتهما وما فيهما ، وجنتان من ذهب آنيتهما وما فيهما ، وما بين القوم وبين أن يروا ربهم إلا رداء الكبرياء على وجهه في جنة عدن ) متفق عليه .
وأحاديث الرؤية متواترة كما نص على ذلك غير واحد من أهل العلم ، منهم :
ابن القيم في حادي الأرواح، وابن أبي العز في شرح الطحاوية ، والحافظ ابن حجر في فتح الباري.




الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almobine.yoo7.com
 
تفسير سورة ق الجزء 3
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
المبين :: الفئة الأولى :: المنتدى الأول-
انتقل الى: