المبين
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


يتناول مواضيع دينبة
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 تثبيت الإيمان

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
Admin



المساهمات : 629
تاريخ التسجيل : 03/03/2013

تثبيت الإيمان Empty
مُساهمةموضوع: تثبيت الإيمان   تثبيت الإيمان Icon_minitimeالسبت يوليو 13, 2013 9:48 pm

تثبيت الإيمان

لا ينتهي دور القرآن مع النفس البشرية عند بيان العقيدة السليمة ومناقشة الانحرافات التي تقع فيها الجاهلية بشأن حقيقة الألوهية والربوبية، إنما يخطو خطوة أخرى ليصل إلى تثبيت تلك العقيدة الصحيحة، وتركيز الإيمان بالله الواحد المنزه عن الشريك والشبيه .
ووسيلته الكبرى إلى ذلك هي التذكير : ((وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين)) (الذاريات:55).

وسائل تثبيت الإيمان في النفس البشرية :
1- التذكير الدائم بعظمة الله التي لا تحد، وآيات قدرته في الآفاق والأنفس، حتى يخشع القلب ويستسلم لله .
2- التذكير الدائم بأن الله مع الإنسان يراه ويراقبه ويحصى عليه أعماله، ثم يحاسبه عليها يوم القيامة، حتى تصبح تقوى الله جزءاً لا يتجزأ من مشاعر القلب، وركيزة ثابتة في الضمير.
3- كذلك يوجه القرآن القلب البشرى إلى ذكر الله دائماً في حالة السراء والضراء، ففي السراء يذكر الله شاكراً لأنعمه، وفي الضراء يذكر الله صابراً ومتطلعاً إليه سبحانه ليكشف عنه السوء .
4- يورد القرآن القصص التي تثبت الإيمان، قصص الأنبياء وأتباعهم من المؤمنين الذين صبروا على الأذى حتى جاءهم نصر الله، وقصص الكفار الذين كذبوا وعاندوا حتى دمر الله عليهم بكفرهم.
5- أخيراً يرسم القرآن صوراً محببة للمؤمنين وصفاتهم، وما ينتظرهم من الجزاء في الآخرة مخلدين في الجنات، وصوراً كريهة منفرة للكافرين وصفاتهم، وما ينالهم من العذاب يوم القيامة.
ويظل القرآن يكرر هذه التوجيهات حتى ترسخ في النفس، وحتى يصبح الله حاضراً في القلب لا يغفل الإنسان عن ذكره، فتستقيم مشاعره، ويستقيم سلوكه، ويصبح عبداً ربانياً مقرباً إلى الله في الدنيا والآخرة، فيرزقه الله الطمأنينة والسعادة في الدنيا، ويمنحه في الآخرة جنته ورضوانه.
وفيما يلي نعرض نماذج من آيات الكتاب الكريم كما فعلنا في الفصول السابقة من الكتاب :
1- التذكير بعظمة الله وآيات قدرته في الآفاق والأنفس :
سبق لنا أن ذكرنا نماذج من الآيات في الفصول السابقة كلها تتحدث عن عظمة الله التي لا تحد، وقدرته التي لا يعجزها شيء في السماوات ولا في الأرض. وبينا أن القرآن يستخدم آيات الله في الكون حين يخاطب الوجدان، وحين يخاطب العقل، وحين يرد على دعاوى المبطلين، سواء في الشرك أو في ادعاء الولد أو في إنكار البعث أو إنكار وجود الله، إن وجد في الأرض من ينكر وجود الله !
وقد كانت النماذج السابقة كلها تكفينا لبيان اهتمام القرآن بإبراز هذه الآيات، لتوضيح العقيدة السليمة وتركيزها في النفس كذلك و لكن كثرة النماذج في القرآن الكريم تجعلنا لا نكتفي بما سردناه منها من قبل، على كثرته، بل نضيف إليه نماذج جديدة، تستطيع أن تراجعها على ضوء الأمثلة المشروحة في الكتاب من قبل. ولكن ينبغي أن نعرف أن القرآن لا يعرض هذه الآيات لكى تكون مجرد معلومات تستقر في ذهن الإنسان وينتهي بها الأمر هناك، وإنما يريد الله سبحانه وتعالى من التذكير المستمر في القرآن بآياته في الأنفس والآفاق أن تؤثر هذه الحقائق في القلب البشرى تأيراً دائماً لا ينتهي عند لحظة التأمل العارضة، بل يظل في القلب ويستقر فيه، حتى يتحول الإيمان بالله إلى حقيقة تركزه في نفس الإنسان، تنعكس في سلوكه الواقعي .
فما قيمة أن أعرف أن الله خلق السماوات والأرض، وأن له آيات معجزة في كل شيء خلقه، ثم ينصرف قلبي بعهد ذلك عن ذكر الله، وينصرف عن طاعته فيما أمر به وما نهي عنه؟!
وما قيمة أن أعرف أن الله سبحانه وتعالى واحد لا شريك له، وأنه خلق الكون بقدرته، وأبدع فيه ما أبدع، ثم لا أسأل نفسي حين أقوم بعمل من الأعمال: هل هذا العمل يرضى الله أم لا يرضيه؟!
كلا ! لا قيمة إذن لهذه المعرفة !
ولقد كان العرب في الجاهلية يعرفون أن الله هو الذي خلق السموات والأرض، وهو الذي خلقهم هم أنفسهم، والقرآن يسجل عليهم ذلك : ((ولئن سألتهم من خلق السموات والأرض ليقولن الله)) (لقمان : 25). ((ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله)) (الزخرف:87) . ولكنهم –مع علمهم بهذا – لم يكونوا يعبدون الله حق عبادته، وكانوا يشركون به آلهة أخرى، ويخالفون عن أمره فيما أمره فيما أمر به وما نهي عنه، ولذلك لم تنفعهم معرفتهم شيئاً، وسماهم الله جاهليين، وقال عنهم إنهم لا يعلمون.
إنما يريد الله سبحانه وتعالى من عباده أن يعرفوا عظمته وجلاله ليعبدوه حق عبادته ويطيعوه في سلوكهم الواقعي. ولذلك يظل يذكرهم بآياته في السماء والأرض وفي أنفسهم حتى تشجع قلوبهم، ويستقر فيها الإيمان، ويتحول إلى عمل في واقع الأرض.
( أ ) آيات الخلق والإبداع في السماوات والأرض :
*( وآية لهم الأرض الميتة أحييناها وأخرجنا منها حبا فمنه يأكلون(33) وجعلنا فيها جنات من نخيل وأعناب وفجرنا فيها من العيون(34) ليأكلوا من ثمره وما عملته أيديهم أفلا يشكرون(35) سبحان الذي خلق الأزواج كلها مما تنبت الأرض ومن أنفسهم ومما لا يعلمون(36) وآية لهم الليل نسلخ منه النهار فإذا هم مظلمون(37) والشمس تجرى لمستقر لها ذلك تقدير العزيز العليم (38) والقمر قدرناه منازل حتى عاد كالعرجون القديم(39) لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر ولا الليل سابق النهار وكل في فلك يسبحون))(يس : 33-4.).
* ((والأرض مددناها وألقينا فيها رواسي وأنبتنا فيها من كل شيء موزون(19) وجعلنا لكم فيها معايش ومن لستم له برازقين(2.) وإن من شيء إلا عندنا خزائنه وما ننزله إلا بقدر معلوم(21) وأرسلنا الرياح لواقح فأنزلنا من السماء ماء فاسقينا كموه وما أنتم له بخازنين))(الحجر : 19-22) .
* ((ألم تروا كيف خلق الله سبع سموات طباقاً (15) وجعل القمر فيهن نوراً وجعل الشمس سراجاً(16) والله أنبتكم من الأرض نباتاً(17) ثم يعيدكم فيها ويخرجكم إخراجاً(18) والله جعل لكم الأرض بساطاً (19) لتسلكوا منها سبلاً فجاجاً)) (نوح : 15-2.).
* ((ألم نجعل الأرض مهاداً(6) والجبال أوتاداً(7) وخلقناكم أزواجاً(Cool وجعلنا نومكم سباتاً(9) وجعلنا الليل لباساً(1.) وجعلنا النهار معاشاً(11) وبنينا فوقكم سبعاً شداداً(12) وجعلنا سراجاً وهاجاً(13) وأنزلنا من المعصرات ماء ثجاجاً (14) لنخرج به حباً ونباتاً (15) وجنات ألفافاً))(النبأ : 6-16) .
*((فلينظر الإنسان إلى طعامه(24) أنا صببنا الماء صباً(25) ثم شققنا الأرض شقا (26) فأنبتنا فيها حباً(27) وعنبا وقضبا(28) وزيتونا ونخلا(29) وحدائق غلبا(3.) وفاكهة وأبا(31) متاعاً لكم ولأنعامكم))(عبس : 24-32).
*( أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت(17) وإلى السماء كيف رفعت(18) وإلى الجبال كيف نصبت(19) وإلى الأرض كيف سطحت))(الغاشية:17-2.).
(ب) آيات القدرة المعجزة في الأنفس :
*((والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئاً وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة لعلكم تشكرون)) (النحل: 78).
* (وهو الذي خلق من الماء بشراً فجعله نسباً وصهراً وكان ربك قديراً)) (الفرقان:54).
*(( ذلك عالم الغيب والشهادة العزيز الرحيم(6) الذي أحسن كل شيء خلقه وبدأ خلق الإنسان من طين(7) ثم جعل نسله من سلالة من ماء مهين (Cool ثم سواه ونفع فيه من روحه وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة قليلاً ما تشكرون)) (السجدة : 6-9).
* ((قل هو نبأ عظيم (67) أنتم عنه معرضون(68) ما كان لى من علم بالملأ الأعلى إذ يختصمون(69) إن يوحى إلى إلا أنما أنا نذير مبين(7.) إذ قال ربك للملائكة إني خالق بشراً من طين))(ص:67-71).
* ((خقلكم من نفس واحدة ثم جعل منها زوجها وأنزل لكم من الأنعام ثمانية أزواج يخلقكم في بطون أمهاتكم خلقاه من بعد خلق في ظلمات ثلاث ذلكم الله ربكم له الملك لا إله إلا هو فأنى تصرفون))(الزمر:6).
*فلينظر الإنسان مم خلق(5) خلق من ماء دافق(6) يخرج من بين الصلب والترائب))(الطارق:5-7).

(ج) في نعم الله على العباد :
* (( والأنعام خلقها لكم فيها دفء ومنافع ومنها تأكلون(5) ولكم فيها جمال حين تريحون وحين تسرحون(6) وتحمل أثقالكم إلى بلد لم تكونوا بالغيه إلا بشق الأنفس إن ربكم لرءوف رحيم(7) والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة ويخلق ما لا تعلمون))(النحل:5-Cool.
* ((ولقد خلقنا فوقكم سبع طرائق وما كنا عن الخلق غافلين(17) وأنزلنا من السماء ماء بقدر فأسكناه في الأرض وإنا على ذهاب به لقادرون(18) فأنشأنا لكم به جنات من نخيل وأعناب لكم فيها فواكه كثيرة ومنها تأكلون(19) وشجرة تخرج من طور سيناء تنبت بالدهن وصبغ للآكلين(2.) وإن لكم في الأنعام لعبرة نسقيكم مما في بطونها ولكم فيها منافع كثيرة ومنها تأكلون(21) وعليها وعلى الفلك تحملون)) (المؤمنون :17-22).
*(الذي جعل لكم الأرض مهداً وجعل لكم فيها سبلاً لعلكم تهتدون(1.) والذي نزل من السماء ماء بقدر فأنشرنا به بلدة ميتا كذلك تخرجون (11) والذي خلق الأزواج كلها وجعل لكم من الفلك والأنعام ما تركبون(12) لتستووا على ظهوره ثم تذكروا نعمة ربكم إذا استويتم عليه وتقولوا سبحانه الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين (13) وإنا إلى ربنا لمنقلبون))(الزخرف: 1.-14).
*((الله الذي سخر لكم البحر لتجرى الفلك فيه بأمره ولتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون)(الجاثية:12).
* ((والأرض وضعها للأنام(1.) فيها فاكهة والنخل ذات الأكمام(11) والحب ذو العصف والريحان(12) فبأى آلاء ربكما تكذبان))(الرحمن :1.-13).
*(( هو الذي جعل لكم الأرض ذلولاً فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور))(الملك:15).
( د) في تدبير الكون بغير شريك :
* ((وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها كل في كتاب مبين))(هود:6).
* ((ألم تر أن الله يزجى سحاباً ثم يؤلف بينه ثم يجعله ركاماً فترى الودق يخرج من خلاله وينزل من السماء من جبال فيها من برد فيصيب به من يشاء ويصرفه عن من يشاء يكاد سنا برقه يذهب بالأبصار))(النور:43،44).
*((والله خلقكم من تراب ثم من نطفة ثم جعلكم أزواجاً وما تحمل من أنثى ولا تضع إلا بعلمه وما يعمر من معمر ولا ينقص من عمره إلا في كتاب إن ذلك على الله يسير (11) وما يستوي البحران هذا عذب فرات سائغ شرابه وهذا ملح أجاج ومن كل تأكلون لحماً طرياً وتستخرجون حلية تلبسونها وترى الفلك فيه مواخر لتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون(12) يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل وسخر الشمس والقمر كل يجرى لأجل مسمى ذلكم الله ربكم له الملك والذين تدعون من دونه ما يملكونه من قطمير))(فاطر : 11-13).
* قل أئنكم لتكفرون بالذي خلق الأرض في يومين وتجعلون له أنداداً ذلك رب العالمين(9) وجعل فيها رواسى من فوقها وبارك فيها وقدر فيها أقواتها في أربعة أيام سواء للسائلين (1.) ثم استوى إلى السماء وهي دخان فقال لها وللأرض ائتيا طوعاً أو كرهاً قالتا أتينا طائعين(11) فقضاهن سبع سموات سفي يومين وأوحى في كل سماء أمرها وزينا السماء الدنيا بمصابيح وحفظا ذلك تقدير العزيز العليم))(فصلت:9-12).
*(يسأله من في السموات والأرض كل يوم هو في شأن)) (الرحمن :29).

* (كتب الله لأغلبن أنا ورسلى إن الله قوى عزيز)) (المجادلة:21).

(هـ) في تأييد الرسل بالمعجزات :
*((وما تلك بيمينك يا موسى(17) قال هي عصاى أتوكأ عليها وأهش بها على غنمى ولى فيها مآرب أخرى(18) قال ألقها يا موسى(19) فألقاها فإذا هي حية تسعى(20) قال خذها ولا تخف سنعيدها سيرتها الأولى (21) واضمم يدك إلى جناحك تخرج بيضاء من غير سوء آية أخرى(22) لنريك من آياتنا الكبرى(23) اذهب إلى فرعون إنه طغى))(طه:17-24).
* ((إذ قال الله يا عيسى ابن مريم اذكر نعمتى عليك وعلى والدتك إذ أيدتك بروح القدس تكلم الناس في المهد وكهلا وإذ علمتك الكتاب والحكمة والتوراة والإنجيل وإذ تخلق من الطين كهيئة الطير بإذنى فتنفخ فيها فتكون طيرا بإذنى وتبرئ الأكمه والأبرص بإذنى وإذ تخرج الموتى بإذنى وإذ كففت بنى إسرائيل عنك إذ جئتهم بالبينات فقال الذين كفروا منهم إن هذا إلا سحر مبين))(المائدة:11.).
* ((يا زكريا إنا نبشرك بغلام اسمه يحيى لم نجعل له من قبل سميا(7) قال رب أنى يكون لى غلام وكانت امرأتى عاقراً وقد بلغت من الكبر عتيا(Cool قال كذلك قال ربك هو على هين وقد خلقتك من قبل ولم تك شيئاً))(مريم : 7-9).
* ((قالوا حرقوه وانصروا آلهتكم إن كنتم فاعلين(68) قلنا يا نار كونى برداً وسلاماً على إبراهيم(69) وأرادوا به كيدا فجلعناهم الأخسرين))(الأنبياء : 68-7.).
*((ولسليمان الريح غدوها شهر ورواحها شهر وأسلنا له عين القطر ومن الجن من يعمل بين يديه بإذن ربه ومن يزغ منهم عن أمرنا نذقه من عذاب السعير(12) يعملون له ما يشاء من محاريب وتماثيل وجفان كالجواب وقدور راسيات اعملوا آل داوود شكراً وقليل من عبادى الشكور))(سبأ : 12،13).
2- التذكير بمراقبة الله للإنسان :
* ((وما تكون في شأن وما تتلو منه من قرآن ولا تعملون من عمل إلا كنا عليكم شهودا إذ تفيضون فيه وما يعزب عن ربك من مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلا في كتاب مبين))(يونس:61).
* وإن تجهر بالقول فإنه يعلم السر وأخفي))(طه:7).
* ((يا بنى إنها إن تك مثقال حبة من خردل فتكن في صخرة أو في السموات أو في الأرض يأت بها الله إن الله لطيف خبير)) (لقمان : 16).
* ((يعلم ما يلج في الأرض وما يخرج منها وما ينزل من السماء وما يعرج فيها وهو الرحيم الغفور(2) وقال الذين كفروا لا تأتينا الساعة قل بلى وربى لتأتينكم عالم الغيب لا يعزب عنه مثقال ذرة في السموات ولا في الأرض ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلا في كتاب مبين(3) ليجزى الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك لهم مغفرة ورزق كريم(4) والذين سعوا في آياتنا معاجزين أولئك لهم عذاب من رجز أليم))(سبأ : 2-5).
*((ألم تر أن الله يعلم ما في السموات وما في الأرض ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم أين ما كانوا ثم ينبئهم بما عملوا يوم القيامة إن الله بكل شيء عليم)) (المجادلة:7).
*(إنه يعلم الجهر وما يخفي)(الأعلى:7).

3- توجيه القلب البشرى إلى ذكر الله :
*((وإذا سألك عبادى عنى فإنى قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لى وليؤمنوا بى لعلهم يرشدون)) (البقرة:186) .
* ((ادعوا ربكم تضرعاً وخفية إنه لا يحب المعتدين))(الأعراف:55).
*((الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب)) (الرعد:28).
*((وفي بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والآصال (36) رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة يخالفون يوما تتقلب فيه القلوب والأبصار(37) ليجزيهم الله أحسن ما عملوا ويزيدهم من فضله والله يرزق من يشاء بغير حساب))(النور:36-38).
*((الله نزل أحسن الحديث كتاباً متشابهاً مثانى تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله ذلك هدى الله يهدى به من يشاء ومن يضلل الله فما له من هاد))(الزمر:23).
*((وقال ربكم ادعونى استجب لكم)) (غافر:6.).

4- قصص الأنبياء :
ترد هذه القصص في كثير من سور القرآن وخاصة في سورة الأعراف، وسورة يونس، وسورة هود، وسورة مريم، وسورة طه، وسورة الأنبياء، وسورة الشعراء، وسورة النمل، وسورة القصص. ويمكنك مراجعة هذه السور في المصحف، وستجد قراءتها سهلة ميسرة. وستجد خاصة في ((الأعراف)) و((هود)) و((الشعراء)) أن القرآن يلفت نظرنا إلى أمور معينة في حياة هؤلاء الأنبياء :
أولاً : أنهم كلهم جاءوا بكلمة واحدة هي ((لا إله إلا الله)) ((اعبدوا الله ما لكم من إله غيره))، وهذا يبين لنا أن أهم شيء يرسل الله الرسل من أجله هو تعريف البشر بربهم وخالقهم، ليعرفوا أنه إله واحد وليعبدوه ولا يشركوا به شيئاً .
ثانياً : أنهم كلهم قد لقوا التكذيب من قومهم، وتعرضوا للاضطهاد والإيذاء والتهديد بالقتل أو الطرد، ولكنهم لم يتنازلوا عن رسالتهم، ولم يتخلوا عن دعوتهم، وهذا يبين لنا أن العقيدة هي أغلى شيء فيحياة الإنسان، وأنه مهما أوذى في سبيل عقيدته فلا ينبغى له أن يفرط فيها أو يتساهل في أمرها .
ثالثاً : أنهم حين تعرضوا للتكذيب والاضطهاد لجئوا إلى ربهم، يشكون إليه ما فعله قومهم بهم، ويستغيثون به أن يفرج كربتهم وينجيهم ومن معهم من المؤمنين، ولكنهم صبروا على الأذى ولم يغيروا موقفهم، وهذا يعلمنا أن المؤمن في موقف الشدة يلجأ إلى الله، ويتوجه إليه بالدعاء لكى يخلصه من شدته، ولكنه يثبت ويصبر حتى يأتى نصر الله، ولا يضعف ولا ينهار .
رابعاً : أن الله كان دائماً ينصر رسله والذين آمنوا في نهاية الأمرـ، بعد أن يصبروا على الشدائد ويحافظوا على عقيدتهم ولا يتخلوا عنها أبداً. وهذا يعلمنا ألا نقنط من رحمة الله أبداً مهما اشتد بنا الضيق، ونتطلع إلى الله دائماً أن يرفع عنا الكرب ما دمنا محافظين على صلتنا بالله، مستقيمين على أمره، مهتدين بهداه .
خامساً : وفي القصص عبرة أخرى كذلك هي أن أهل الباطل مهما بدا في وقت من الأوقات أنهم متمكنون في الأرض ومسيطرون، فإن الله يملى لهم ولكنه لا يفلتهم من عقابه في الدنيا ولا في الآخرة. كما يقول الرسول صلى الله عليه و سلم: ((إن الله ليملى للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته))
وإليك بعض النماذج من القصص القرآنى :
*(( لقد أرسلنا نوحاً إلى قومه فقال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره إنى أخاف عليكم عذاب يوم عظيم (59) قال الملأ من قومه إنا لنراك في ضلال مبين(6.) قال يا قوم ليس بى ضلالة ولكنى رسول من رب العالمين(61) أبلغكم رسالات ربى وأنصح لكم وأعلم من الله مالا تعلمون(62) أو عجبتم أن جاءكم ذكر من ربكم على رجل منكم لينذركم ولتتقوا ولعلكم ترحمون (63) فكذبوه فأنجيناه والذين معه في الفلك وأغرقنا الذين كذبوا بآياتنا إنهم كانوا قوما عمين))(الأعراف : 59-64).
*((وإلى ثمود أخاهم صالحاً قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها فاستغفروه ثم توبوا إليه إن ربى قريب مجيب (61) قالوا يا صالح قد كنت فينا مرجوا قبل هذا أتنهانا أن نعبد ما يعبد آباؤنا وإننا لفي شك مما تدعونا إليه مريب(62) قال يا قوم أرأيتم إن كنت على بينة من ربى وآتانى منه رحمة فمن ينصرنى من الله إن عصيته فما تزيدوننى غير تخسير(63) ويا قوم هذه ناقة الله لكم آية فذروها تأكل في أرض الله ولا تمسوها بسوء فيأخذكم عذاب قريب (64) فعقروها فقال تمتعوا في داركم ثلاثة أيام ذلك وعد غير مكذوب (65) فلما جاء أمرنا نجينا صالحاً والذين آمنوا معه برحمة منا ومن خزى يومئذ إن ربك هو القوى العزيز(66) وأخذ الذين ظلموا الصيحة فأصبحوا في ديارهم جاثمين(67) كأن لم يغنوا فيها ألا إن ثمود كفروا ربهم ألا بعدا لثمود)(هود:61-68).
*(( ألم يأتكم نبأ الذين من قبلكم قوم نوح وعاد وثمود والذين من بعدهم لا يعلمهم إلا الله جاءتهم رسلهم بالبينات فردوا أيديهم في أفواههم وقالوا إنا كفرنا بما أرسلتم به وإنا لفي شك مما تدعوننا إليه مريب(9) قالت رسلهم أفي الله شك فاطر السموات والأرض يدعوكم ليغفر لكم من ذنوبكم ويؤخركم إلى أجل مسمى قالوا إن أنتم إلا بشر مثلنا تريدون أن تصدونا عما كان يعبد آباؤنا فأتونا بسلطان مبين(1.) قالت لهم رسلهم إن نحن إلا بشر مثلكم ولكن الله يمن على من يشاء من عباده وما كان لنا أن نأتيكم بسلطان إلا بإذن الله وعلى الله فيتوكل المؤمنون (11) وما لنا ألا نتوكل على الله وقد هدانا سبلنا ولنصبرن على ما آذيتمونا وعلى الله فليتوكل المتوكلون(12) وقال الذين كفروا لرسلهم لنخرجنكم من أرضنا أو لتعودن في ملتنا فأوحى إليهم ربهم لنهلكن الظالمين(13) ولنسكننكم الأرض من بعدهم ذلك لمن خاف مقامى واف وعيد))(إبراهيم : 9-14).

*((واتل عليهم نبأ إبراهيم(69) إذ قال لأبيه وقومه ما تعبدون(7.) قالوا نعبد أصناماص فنظل لها عاكفين(71) قال هل يسمعونكم إذ تدعون(72) أو ينفعونكم أو يضرون(73) قالوا بل وجدنا آباءنا كذلك يفعلون (74) قال أفرأيتم ما كنتم تعبدون (75) أنتم وآباؤكم الأقدمون(76) فإنهم عدو لى إلا رب العالمين(77) الذي خلقنى فهو يهدين(78) والذ هو يطعمنى ويسقين(79) وإذا مرضت فهو يشفين(8.) والذي يميتنى ثم يحيين(81) والذي أطمع أن يغفر لى خطيئتى يوم الدين(82) رب هب لى حكما وألحقنى بالصالحين (83) واجعل لى لسان صدق في الآخرين(84) واجعلنى من ورثة جنة النعيم(85) واغفر لأبى إنه كان من الضالين(86) ولا تخزنى يوم يبعثون (87) يوم لا ينفع مال ولا بنون(88) إلا من أتى الله بقلب سليم (89) وأزلفت الجنة للمتقين(9.) وبرزت الجحيم للغاوين(91) وقيل لهم أين ما كنتم تعبدون(92) من دون الله هل ينصرون(93) فكبكبوا فيها هم والغاوون(94) وجنود إبليس أجمعون(95) قالوا وهم فيها يختصمون(96) تالله إن كنا لفي ضلال مبين(97) إذ نسويكم برب العالمين(98) وما أضلنا إلا المجرمون(99) فما لنا من شافعين(1..) ولا صديق حميم(1.1) فلو أن لنا كرة فنكون من المؤمنين(1.2) إن في ذلك لآية ومنا كان أكثرهم مؤمنين(1.2) وإن ربك لهو العزيز الرحيم))(الشعراء : 69-1.4).
* ((وعاد وثمود وقد تبين لكم من مساكنهم وزين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل وكانوا مستبصرين (38) وقارون وفرعون وهامان ولقد جاءهم موسى بالبينات فاستكبروا في الأرض وما كانوا سابقين (39) فكلا أخذنا بذنبه فمنهم من أرسلنا عليه حاصباً ومنهم من أخذته الصيحة ومنهم من خسفنا به الأرض ومنهم من أغرقنا وما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون))(العنكبوت:38-4.).
* ((واذكر أخا عاد إذ أنذر قومه بالأحقاب وقد خلت النذر من بين يديه ومن خلفه ألا تعبدوا إلا الله إنى أخاف عليكم عذاب يوم عظيم(21) قالوا أجئتنا لتأفكنا عن آلهتنا فأتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين(22) قال إنما العلم عند الله وأبلغكم ما أرسلت به ولكنى أراكم قوماً تجهلون(23) فلما رأوه عارضاً مستقبل أوديتهم قالوا هذا عارض ممطرنا بل هو ما استعجلتم به ريح فيها عذاب أليم(24) تدمر كل شيء بأمر ربها فأصبحوا لا يرى إلا مساكنهم كذلك نجزى القوم المجرمين(25) ولقد مكناهم فيما إن مكناكم فيه وجعلنا لهم سمعاً وأبصاراً وأفئدة فما أغنى عنهم سمعهم ولا أبصارهم ولا أفئدتهم من شيء إذ كانوا يجحدون بآيات الله وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون))(الأحقاب : 21-26).
5- صور المؤمنين والكافرين :
يرسم القرآن صوراً وضيئة وجميلة للمؤمنين يعرض فيها خصالهم وأحوالهم، وأثر الإيمان في قلوبهم وسلوكهم، تجعلنا نحبهم ونحب أن نكون منهم، لتنطبق علينا تلك الأوصاف الجميلة، ولنحظى برضاء الله في الدنيا والآخرة.
كما يرسم القرآن في ذات الوقت صوراً منفرة للكافرين وخصالهم وأحوالهم، وأثر بعدهم عن الإيمان في قلوبهم وسلوكهم تجعلنا ننفر منهم ونكره أن نكون مثلهم، حتى لا نتعرض لمقت الله وغضبه في الدنيا والآخرة.
كما يرسم القرآن في ذات الوقت صوراً منفرة للكافرين وخصالهم وأحوالهم، وأثر بعدهم عن الإيمان في قلوبهم وسلوكهم تجعلنا ننفر منهم ونكره أن نكون مثلهم، حتى لا نتعرض لمقت الله وغضبه في الدنيا والآخرة.
وهذه الصور والأوصاف كثيرة في القرآن؛ لأن فيها دروساً تربوية يربينا بها الله سبحانه وتعالى حتى تستقيم فطرتنا ويستقيم سلوكنا وتصلح أحوالنا .
وإليك بعض النماذج منها :
*(( أفمن يعلم أنما أنزل إليك من ربك الحق كمن هو أعمى إنما يتذكر أولوا الألباب(19) الذين يوفون بعهد الله ولا ينقضون الميثاق(2.) والذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل ويخشون ربهم ويخافون سوء الحساب(21) والذين صبروا ابتغاء وجه ربهم وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقناهم سراً وعلانية ويدرءون بالحسنة السيئة أولئك لهم عقبى الدار(22) جنات عدن يدخلونها ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم والملائكة يدخلون عليهم من كل باب(23) سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار))(الرعد : 19-24).
تبدأ الآيات بموازنة بين المؤمنين والكافرين يتبين منها لأول وهلة أنهم مفترقون بعضهم عن بعض في صفاتهم ومقومات حياتهم وفكرهم. والقرآن يصف المؤمنين بأنهم هم الذين يعلمون أن ما أنزل إلى الرسول صلى الله عليه و سلم من ربه هو الحق، بينما يصف الأخرين بأنهم عمى. ثم يسأل هذا السؤال الإنكارى (أى الذي جوابه دائماً: لا) : ((أفمن يعلم أنما أنزل إليك من ربك الحق كمن هو أعمى))؟ والجواب لابد أن يكون : لا ! فمن يقول إن الأعمى كالبصير، وإن من يعلم كمن لا يعلم؟!
والتعبير القرآنى الجميل يوحى إلينا بأن من يعلم أن القرآن والوحى حق هو المبصر، الذي يسير في الطريق على نور، ولا يتخبط في سيره لأنه يرى ما حوله. بينما الذي يشك في الوحى ولا يتبعه هو الأعمى الذي يتخبط في الطريق لأنه لا يراه. وهذه حقيقة، فإن المؤمن يعرف – من وحى إيمانه- ما هي غايته في الحياة، وما الطريق الذي ينبغى أن يسلكه ليصل إلى غايته. فغايته هي إرضاء الله سبحانه وتعالى والتقرب إلأيه، ووسيلته هي الأعمال الصالحة، هي الطاعة لأوامر الله. بينما الكافر لا يعرف لماذا يعيش، إلا لإرضاء ملذاته القريبة، غافلاً عن النهاية التي تنتظره في آخر الطريق .
ثم يجئ التعقيب في نهاية الآية : ((إنما يتذكر أولوا الألباب))، فالذين لهم عقول هم الذين يتذكرون، وغيرهم لا يتذكر ولا يعتبر. والتعبير القرآنى يوحى إلينا مرة أخرى أن الكافر ليس من أولى الألباب، أى ليس له عقل. ذلك لأنه لا يفكر بهذا العقل الذي وهبه له الله ليفكر ويتدبر، ويعرف عن طريق تدبره حقيقة الألوهية والربوبية.
((إنما يتذكر أولوا الألباب(19) الذين يوفون بعهد الله ولا ينقضون الميثاق)).
وأولوا الألباب هم الذين وصفتهم الآية بأنهم الذين يعلمون أن ما أنزل على الرسول صلى الله عليه و سلم هو الحق . ولكن الآية الثانية تبين لنا حقيقة عظيمة ينبغى لنا أن نتدبرها.
هل المطلوب من الإنسان هو أن ((يعلم)) مجرد علم بأن القرآن حق؟ فقط؟! وهل يكفي هذا عند الله؟
إن الآية الثانية وما بعدها تبين لنا أثر هذا العلم في حياة الإنسان وسلوكه وتفكيره وشعوره، فهؤلاء الذين علموا أن القرآن حق يصفهم الله سبحانه وتعالى بأنهم ((يوفون بعهد الله ولا ينقضون الميثاق)).
إذن فليس المطلوب هو مجرد ((العلم))! بل إن هذا العلم ينبغى أن يحدث آثاره في حياة الإنسان، وإلا أصبح بلا معنى، وأصبح وجوده وعدمه سواء .
إن الصفة الكبرى التي يتصف بها أولئك العالمون بأن القرآن حق هي أنهم يوفون بعهد الله ولا ينقضون الميثاق. ولا تحدد الآية عهداً معيناً ولا ميثاقاً معيناً، إنما تشمل كل عهد وكل ميثاق مع الله. والعهد الأكبر هو الذي أودعه الله في الفطرة وأشهد الفطرة عليه، وهو عبادة الله الواحد بلا شريك: ((وإذ أخذ ربك من بنى آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا)) (الأعراف : 172).
وكذلك العهد الذي تذكره سورة يس : ((ألم أعهد إليكم يا بنى آدم أن لا تعبدوا الشيطان إنه لكم عدو مبين(6.) وأن اعبدونى هذا صراط مستقيم))(يس : 6.: 61).
ولا تنتهي صفة المؤمنين بأنهم هم الذين يوفون بعهد الله ولا ينقضون الميثاق، بل يستمر السياق فيصفهم بأوصاف جميلة أخرى : ((والذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل ويخشون ربهم ويخافون سوء الحساب)). ((يصلون ما أمر الله به أن يوصل)) أى : يصلون كل ما أمر الله به أن يوصل، لأن ((ما)) تفيد العموم . والتعبير بإطلاقه هكذا دون تحديد يشمل كل شيء أمر الله بوصله. وفي مقدمة كل شيء صلة الإنسان بربه بطبيعة الحال، فهذه أول صلة أمر الله بها أن توصل: صلة العبادة الحقه لله. ويأتى بعدها صلات الإنسان بوالديه، وصلاته بذوى قرباه، وصلاته بالمسلمين جميعاً يحب لهم الخير، ويحب لهم كما يحب لنفسه. وهكذا يشمل هذا التعبير الموجز كثيراً من تصرفات الإنسان.
ومع القيام بهذه الصلات التي أمر الله بوصلها فهم يخشون ربهم، وهذه الخشية تجعلهم يتصرفون في أمورهم بما يرضى الله، فيتعاملون بالصدق والأمانة والإخلاص، خشية أن يغضب الله عليهم، وكذلك يخافون سوء الحساب، فيتجنبون الأعمال والأقوال التي تعرضهم للحساب الشديد .
((والذين صبروا ابتغاء وجه ربهم))، فهم يصبرون على الشدائد لأنهم يبتغون وجه الله، ويتطلعون إليه بالرجاء، ولكنهم صابرون، لأنهم يعلمون أن ما أصابهم هو قدر من الله، فيرضون به تقرباً لله وتحبباً إليه ليرضى عنهم.
((وأنفقوا مما رزقناهم سراً وعلانية))، فهم لا يبخلون بأموالهم، وكذلك لا ينفقونها رياء، وإنما ينفقونها لوجه الله في السر والعلانية .
(( ويدرءون بالحسنة السيئة))، يتلقون السيئة ويردون عليها بالحسنة نبلاً منهم وترفعاً، وتقرباً إلى الله، لا ضعفاً ولا استخذاء، وإنما كما يقول الله سبحانه وتعالى : ((الذين ينفقون في السراء والضراء والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين))(آل عمران : 134).
وهكذا رأينا أن أولى الألباب، الذي يعلمون أن القرآن حق، يتصفون بكل هذه الصفات النبيلة الرائعة. تصرفاتهم نظيفة، مشاعرهم نظيفة، كل سلوكهم جميل. لماذا؟ لأنهم عرفوا الحق، وهذه هي المعرفة التي يريدها الله من عباده. فحين يعرفون حقيقة الألوهية ينعكس ذلك على سلوكهم فيصبح على هذه الصورة الرفيعة المحبوبة التي يحبها الله ويحبها الناس .
وما جزاؤهم على ذلك كله ؟!
((أولئك لهم عقبى الدار)) لهم العاقبة الحسنة في الدار الآخرة.
((جنات عدن يدخلونها))، ويا لها من جائزة جميلة على السلوك الجميل!
ولكن الله يتفضل عليهم بأكثر من ذلك! ((جنات عدن يدخلونها ومن صلح آبائهم وأزواجهم وذرياتهم))، فهم لا يدخلون وحدهم، ولكن يدخل معهم الأشخاص الذين يحبونهم من آباء وأزواج وذرية. فيا لها من متعة: متعة الصحبة في جنات النعيم، جزاء الاستقامة على أمر الله .
وهل ينتهي الأمر عند ذلك؟ كلا! إن فضل الله يشملهم بأكثر من ذلك !
أرأيت حين تكون ضيفاً عند أحد الناس، فيدخل من باب الحجرة فيحييك. أليس ذلك يسر قلبك ويشعرك بالحفاوة والتكريم؟ وإذا كرر الدخول عليك بالتحية؟ ألا يسرك ذلك أكثر؟ وإذا كان أهل البيت كلهم يجيئون إليك ويظهرون حفاوتهم بك فكيف يكون شعورك؟ ألا تحس بالسعادة والرضى والارتياح؟
إن الله يحتفي بك في الجنة، فيرسل ملائكته يحيونك! ((والملائكة يدخلون عليهم من كل باب))، يدخلون عليهم بالتحية والحفاوة والتكريم، يقولون : ((سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار)).
ألا يروقك هذا النعيم؟! ألا تحب أن تكون واحداً من هؤلاء الذين يكرمهم الله هذا التكريم؟ بلى ولا شك!
والآن قارن حال الفريق الآخر، الذي رفض الهدى وأصر على أن يكون أعمى لا يبصر. إنه يمثل الصورة المقابلة تماماً في كل شيء! (( والذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض أولئك لهم اللعنة ولهم سوء الدار))(الرعد:25). فمن أى الفريقين تحب أن تكون، بعد أن رأيت مصير هؤلاء ومصير هؤلاء؟!
*((وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هوناً وإذا خاطبهم قالوا سلاماً(63) والذين يبيتون لربهم سجدا وقياماً(64) والذين يقولون ربنا اصرف عنا عذاب جهنم إن عذابها غراماً(65) إنها ساءت مستقراً ومقاماً(66) والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواماً(67) والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاماً (68) يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهاناً(69) إلا من تاب وآمن وعمل عملاً صالحاً يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفوراً رحيماً(7.) ومن تاب وعمل صالحاً فإنه يتوب إلى الله متاباً(71) والذين لا يشهدون الزور وإذا مروا باللغو مروا كراماً(72) والذين إذا ذكروا بآيات ربهم لم يخروا عليها صماً وعمياناً(73) والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماماً(74) أولئك يجزون الغرفة بما صبروا ويلقون فيها تحية وسلاماً (75) خالدين فيها حسنت مستقراً ومقاماً)) (الفرقان : 63-76).
*((إن المتقين في جنات وعيون(15) آخذين ما آتاهم ربهم إنهم كانوا قبل ذلك محسنين(16) كانوا قليلاً من الليل ما يهجعون(17) وبالأسحار هم يستغفرون(18) وفي أموالهم حق للسائل والمحروم))(الذاريات:15-19).
بهذه الوسائل كلها يصل القرآن إلى تثبيت الإيمان في القلب البشرى .
فحين يحس الإنسان بوجود الله معه في كل لحظة ...
حين يحس بآيات القدرة في كل شيء في الكون من حوله، وفي ذات نفسه ....
حين يحس أن ماضى البشرية كله كان يهيمن عليه قدر الله وتدبيره ... وأن الحاضر كذلك والمستقبل..
حين يحس أن الدنيا كلها ملك لله، والآخرة كذلك ...
حين يحس أن أعماله كلها محسوبة عليه، وسيحاسب عليها ..
حين يرى صور الرسل الكرام وصبرهم وتضحياتهم ..
حين يرى صور المؤمنين كريمة نظيفة جذابة، وصور الكافرين قبيحة منفرة ...
حينئذ يمتلئ قلبه بخشية الله وتقواه، وبالتطلع في ذات الوقت إلى حبه ورضاه ..
وذلك هو الإيمان الصادق الذي يحبه الله، ويقرب به عبده إليه، فيصبح واحداً من أولياء الله، الذين يقول الله عنهم في كتابه الكريم: ((ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون))(يونس : 62).

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almobine.yoo7.com
 
تثبيت الإيمان
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
المبين :: الفئة الأولى :: المنتدى الأول-
انتقل الى: