موضوع: سورة : آل عمران الجمعة يونيو 28, 2013 7:17 pm
سورة : آل عمران
بسم الله الرحمن الرحيم
سورة آل عمران - أيها الكرام - مدنية . لأن صدرها إلى ثلاث وثمانين آية : نزلت فى وفد نصارى نجران، الذين قدموا على النبى صلى الله عليه وسلم فى العام التاسع من الهجرة النبوية الشريفة، وهى تهدف إلى بيان أمرين هامين، وترسخهما بجلاء فى أذهان الجماعة المسلمة ، وهى تعدها لحمل الأمانة فى دنيا العالمين.وهما
توضيح العقيدة الإسلامية، وإقامة الدلائل على وحدانية الله تعالى عرض مباهج الشريعة الإسلامية، وبخاصة فيما يتعلق بالجهاد فى سبيل الله، وإذا كانت سورة البقرة قد ناقشت اليهود، وتحدثت عنهم، فإن هذه السورة تناقش النصارى، وتتحدث عنهم تعالوا بنا أيها الأحبة نقرأ آيات السورة الكريمة .
أي : نزّل القرآن عليك يا محمد، بالحق الذى لا شك فيه، وهو مصدق بما فيه للكتب المنزلة قبله من السماء على عباد الله الأنبياء، وهى - كذلك - تصدقه، بما أخبرت به، وبشرت فى قديم الزمان، وأنزل الله التوراة - أيضاً - على موسى بن عمران، وأنزل - كذلك - الإنجيل، على عيسى بن مريم.
أي : أنزل الله التوراة والإنجيل من قبل القرآن، هدى للناس فى زمانهما، ممن تبعهما ثم أنزل القرآن بعد ذلك؛ هداية للناس جميعاً وفارقا بين محلية الدعوة وعالميتها وفارقا - كذلك - بين الحق والباطل بالدلائل الواضحات، والبراهين القاطعات، إن الذين جحدوا بآيات الله من القرآن وغيره، وأنكروها، وردوها بالباطل لهم عذاب شديد يوم القيامة والله عزيز منيع الجناب، عظيم السلطان ذو انتقام ممن عصاه، وكذب بآياته، وخالف رسله الكرام ، وأنبياءه العظام، ثم تبدأ الآيات فى الرد على وفد نصارى نجران بأسلوب المربى الحكيم
نعم هذا هو الله سبحانه وتعالى يعلم غيب السموات والأرض، لا يخفى عليه شئ فيهما، ولا منهما، وأما عيسى الذى كان يخبر ببعض الغيب فإنه يخفى عليه كل الغيب بعد ذلك، ولهذا فليس بإله كما تزعمون.
وعيسى لا يفعل ذلك، ولا يقدر عليه، بل هو نفسه صوره الله فى الرحم، ولهذا فهو من جملة خلقه ، وليس بإله، كما تزعمون، أما العزيز فى سلطانه، الحكيم فى تدبيره فإنه يخبر تبارك وتعالى أن فى القرآن آيات محكمات واضحات الدلالة هن أم الكتاب أي أصله الذى يرجع إليه عند الاشتباه، وأنه فيه آيات أخر متشابهات أي تحتمل دلالتها موافقة المحكم ، وقد تحتمل شيئاً آخر، وفى هذا بيان ودلالة على إحاطة علمه سبحانه.
عزيزى القارئ الكريم لقد فهمت من هذه الآية الكريمة أن آيات القرآن فيها المحكم وفيها المتشابه ولعلك تعرف - كذلك - ما يفيد أن كله محكماً، كقوله تعالى كتاب (أحكمت آياته) [هود 1] فلا تنزعج ؛ حيث إن المعنى فى الآية أنه ليس فيه عيب.
ولعلك تعرف - أيضا - ما يفيد أنه متشابه كله، كما فى قوله عز وجل الله نزل أحسن الحديث كتاباً متشابهاً [الزمر 23] .. فلا : تنزعج أيضاً ؛ حيث إن المعنى فى الآية أنه يشبه بعض بعضاً فى الحسن والصدق.
على كل حال الناس أمام الآيات المتشابهات فى القرآن فريقان: الذين فى قلوبهم ميل عن الحق : يتعلقون بالمتشابه .
أولاً : ليفتنوا به أتباعهم، فيوقعونهم فى الشبهات. ثانياً : يحاولون تفسيره، ومعرفة المراد منه، مع أنهم ليسوا من أهل العلم، كما أنه لا يعلم معناه إلا الله وحده ، وقد يعلمه - بعون الله - الراسخون فى العلم.
والفريق الثانى : هم الراسخون الثابتون، المتمكنون فى العلم، وهؤلاء يقولون آمنا بالمتشابه ولا نعلم معناه، وكل من المحكم والمتشابه من عند ربنا عز وجل، وهكذا ما يتعظ، ويتذكر، ويتقى ربه إلا أصحاب العقول.الذين يدعون الله قائلين
{ رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ } [الآية 8] والذين يثنون على ربهم قائلين : { رَبَّنَا إِنَّكَ جَامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لاَّ رَيْبَ فِيهِ إِنَّ اللّهَ لاَ يُخْلِفُ الْمِيعَادَ } [الآية 9] وبعد هذا الحديث عن الراسخين فى العلم، الثابتين فى الإيمان يخبر ربنا عز وجل عن الكفار، مبيناً أنهم وقود النار فيقول :
{ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَن تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلاَ أَوْلاَدُهُم مِّنَ اللّهِ شَيْئًا وَأُولَـئِكَ هُمْ وَقُودُ النَّارِ } [الآية 10] وهكذا يبطل الله نفع أموالهم، التى يغترون بها على العباد، ويطغون بها فى البلاد، ويكثرون فيها الفساد .ويبطل كذلك نفع أولادهم، التى يعتزون بها، ويتفاخرون بل يصيرون هم - ليسوا فى النار فقط، بل - وقود النار نفسه، والعياذ بالله.
ولذلك ومن باب التهديد والتخويف .{ قُل لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهَادُ } [الآية 12]
وقد كان حيث غلبهم النبى صلى الله عليه وسلم، فى معظم معاركه فى سبيل الله معهم وسوف يكون دائماً كلما عمل المسلمون بهدى ربهم، ورفعوا راية دينهم وفوق ذلك يحشر الأعداء يوم القيامة إلى جهنم، وبئس المستقر والمقام.